"أفضل طريقة لتوقع المستقبل هي خلقه"
-بيتر دروكر. [1]
هي التطور الذي يهدف إلى تلبية احتياجاتنا الحالية كبشر وكلمة (مستدامة) تعني تحقيق هذه الحاجات ولكن مع الحرص على أن نحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة التي لها الحق بها مثلنا.
إنّ أهداف التنمية المستدامة هي دعوةٌ عالميةٌ لاتخاذ إجراءاتٍ للقضاء على الفقر وحماية الكوكب وتحسين حياة وآفاق الجميع في كلِّ مكان.
لقد تبنت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الأهداف الـ 17 في عام 2015، في إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي انبثقت عنها خطة مدتها 15 عاماً لتحقيق هذه الأهداف. [2]
17 هدفاً للناس، من أجل الكوكب.
هو أن يكون لكلٍّ من الرجال والنساء حقوقٌ وظروفٌ وفرصٌ متساويةٌ لتشكيل حياتهم بالطريقة التي يريدونها بغضِّ النظر عن جنسهم، والمساهمة في تطور المجتمع بشكل متساوٍ، بالإضافة لإنهاء العنف الممارَس بكلّ أنواعه ضدّ النساء فقط لكونهم نساءً.
في ظل التحسن في أحوال النساء في العالم يرى الكثيرون أنّ مفهوم المساواة بين الجنسين قد تحقق وفي بعض الأحيان يضيفون ممازحين أو بشكل جديٍّ أنه قد حان دور الرجال للحصول على المساواة مع النساء. [3]
و لكن للأسف هذا التحسن مازال تحسناً طفيفاً فبحسب إحصائيات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي:
المساواة بين الجنسين تضمن تطوراً اقتصادياً و فكرياً كبيراً للمجتمع، فمن الواضح أن المجتمعات التي لديها مساواة أكبر بين الجنسين هي مجتمعات أسعد وأكثر انتعاشاً اقتصادياً وذلك يعود إلى أن تساوي الفرص قدر الإمكان بين النساء والرجال يسمح بالاستفادة من الطاقات الكامنة داخل النساء.
كما أن عدم المساواة بين الجنسين يعتبر شكلاً من أشكال العنف و العنصرية التي يجب إنهاؤها أخلاقياً. [4]
بدأ الأمر منذ بداية الرحلة التطورية للبشر عندما كان على الذكور الذهاب للصيد والقيام بالمهام الأصعب جسدياً، بينما كان على النساء الاهتمام بالأطفال وبالأمور التي لا تحتاج لقدرة جسدية كبيرة ولكن بعد تطور المجتمع البشري اجتماعياً وتقنياً لم تعد القوة الجسدية المقياس للقدرة على العمل وإنما القدرة العقلية.
أثبتت الكثير من الدراسات أن الجنسين متماثلان من ناحية القدرة الإدراكية وتطور الشخصية ومهارات القيادة، ومفهوم التمييز على أساس الجنس هو مفهومٌ ثقافيٌ متوارثٌ بحت، أي لا يوجد أسبابٌ علميةٌ أو ضرورةٌ منطقيةٌ اجتماعيةٌ للتفريق بين الجنسين، فالفروق التي نلاحظها أحياناً ناتجةٌ عن تعلم هذه الفروق أكثر مما هي فروق حقيقية.
نلاحظ أن وسائل الإعلام دائماً تؤكد على الطبيعة المختلفة للرجال والنساء والأدوار المتوقعة من كل منهما، فمنذ الطفولة نجد أن الفتيات تكون ألعابهن عبارة عن دمىً لأطفالٍ حيث يتم حصر دورهنَّ بالأمومة فقط، والصبية تكون ألعابهم عبارة عن سيارات وألعاب عنيفة وفي بعض الأحيان ألعاب تعتمد على تنمية الذكاء.
و بالتالي العنف والاستغلال الجنسيان، والعبء غير المتكافئ للعمل المنزلي والعمل في مجال الرعاية غير مدفوعة الأجر، والتمييز في المناصب العامة، تظل كلها حواجزَ ضخمةً في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين في كثيرٍ من البلدان والمجتمعات مما يعزز الفكرة النمطية السائدة ضد النساء. [3]
حسب دراسةٍ أُجريت في جامعة مينيسوتا في أميركا على بياناتٍ جُمعتْ من دولٍ مثل كندا، البرتغال، أميركا، الدنمارك، وغيرهم، وجدوا ارتباطاً واضحاً بين نسبة السعادة و الرضى عن الحياة لدى المجتمعات والمساواة بين الجنسين.
فكلما كانت المساواة أكبر كلما كان مستوى الرضى عن الحياة أعلى.
وقد يجادل البعض بأن هذا المستوى قادم من ارتفاع مستوى الرضى عند النساء على حساب الرجال ولكن عند إجراء الاختبار بعد فصل الناس حسب جنسهم وجدوا أن مستوى الرضى عند الرجال ارتفع أيضاً.
وبالتالي المساواة بين الجنسين لا تنعكس إيجابياً على النساء فقط، وإنما على الرجال أيضاً.
وجود مسؤوليات متساوية وحرية أكبر باختيار نمط الحياة والاهتمامات دون تأثير المجتمع يعطي الحرية للطرفين.
كما أن العيش مع شريكٍ نتقاسم معه المسؤوليات والحقوق والاهتمامات ونتواصل معه بشكل صحيح مبنيٍّ على الاحترام والمساواة بدلاً من الحياة بأسلوب المالك والسلعة أو القوي والضعيف يعطي إحساساً بالأمان للطرفين ويساعد الطرفين على تحقيق أهدافهم وبالتالي إنشاء مجتمع متماسك و متوازن. [4]
تم إحراز تقدمٍ في دعم النساء والفتيات حول العالم فحسب إحصائيات منظمة اليونيسف في عام 1995 كان عدد الفتيات خارج المدرسة الابتدائية 65 مليون فتاة وانخفض هذا الرقم إلى 32 مليوناً في عام 2020.
كانت كل 1 من 4 فتيات تجبَر على الزواج تحت السن القانوني ولكن انخفض هذا العدد إلى 1 من كل 5.
أما فيما يخص المنطقة العربية وسوق العمل، رغم ضيق الفجوة التعليمية بين الطرفين لازلنا نلاحظ التفاوت الكبير في سوق العمل.
فحسب إحصائيات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي شهد معدل البطالة بين النساء انخفاضاً بطيئاً من 22.4% في عام 2000 إلى 19.96% في عام 2015، و لكن مع ذلك مازال هذا الرقم يزيد ضعف معدل البطالة بين الرجال في المنطقة الذي يبلغ 8.96% وثلاثة أضعاف المعدل العالمي الذي يبلغ 6.2% في العام نفسه.[6][7]
ولكن بالإضافة للجهود المبذولة من المنظمات العالمية ومحاولة العديد من الدول تعديل قوانينها لتحقيق المساواة بين الجنسين، يوجد الكثير من المبادرات المجتمعية التي تسعى لنشر الوعي وإحداث تغييرٍ بهذا الشأن، ومبادرتنا مثالٌ واضحٌ على ذلك، حيث تحاول إحداث تغييرٍ في حياة العديد من النساء من خلال القيام بدوراتٍ مجانيةٍ لمساعدتهنَّ على دخول سوق العمل والاستقلال مادياً أو التقدم علمياً، بالإضافة إلى التأثير بالمجتمع ككل من خلال توضيح الكثير من المفاهيم المرتبطة بالمساواة بهدف التقدم بالمجتمع.
اقرأ أيضاً: أهداف التنمية المستدامة- الهدف الرابع
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.