اليوم العالمي لمهارات الشباب هو يوم تم اختياره من أجل تعزيز فرص عمل الشباب في العالم وتسليط الضوء على مهاراتهم التي تساعد في بناء مجتمع ذو بنيان قوي. وقد ركزت الأمم المتحدة على تخصيص هذا اليوم لبناء مساواة في فرص العمل بين الجنسين.
ترافقت في ذهن الجميع مفردة الشباب بالقوّة والعنفوان، وربيع العمر، ولكن في الواقع الحالي يصعب على الشباب الاستمتاع بهذه المرحلة بسبب العقبات التي تسد طريقهم، الكثير من المسؤوليات على كاهلهم، والمتطلّبات الصعبة التي وضعها المستقبل ليسمح لهم بالدخول إليه.
"شباب اليوم هم قادة المستقبل"
-نيلسون مانديلا. [1]
عندما نسعى لتحسين المجتمع ننظر لجميع فئاته وندرس احتياجاتهم، لنتمكن من فهم ما هي المشكلات التي يعانون منها.
وفئة الشباب في جميع أنحاء العالم تعاني العديد من المشاكل الاجتماعيّة التي تعيق ازدهارهم، وبلوغهم أقصى إمكانيّاتهم، لذلك عملت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدّة كل عام على الاحتفال باليوم العالمي لمهارات الشباب في 15 يوليو، من أجل التعبير عن أهميّة هذا اليوم الذي يتعلّق بالشباب وقدراتهم ودورهم في رفعة المجتمعات وتقدّمها وتطوّرها. [2]
منذ عام 2015 ونحن نحتفل بهذا اليوم لتذكير المجتمعات بأهميّة إعداد الشباب لسوق العمل، وإكسابهم مهارات التوظيف وريادة الأعمال، من خلال مساعدتهم على دخول العالم الجديد بالنّسبة لهم، فمن واجبنا عليهم أن نضمن لهم انتقالاً مرناً بين المرحلة الدراسيّة ومرحلة العمل، ونساعدهم على اكتشاف قدراتٍ جديدةٍ من خلال الممارسة العمليّة، ليكونوا هم من يمسك بيد الجيل التالي من الشباب في هذه العمليّة الانتقاليّة.
اقرأ أيضاً: اليوم العالمي للاجئين
في هذا العصر المتسارع، يمرُّ الوقت بسرعة أخرى بالنسبة لجيل الشباب، فلتتخيّل معي، أنت شابٌّ حديث التخرّج، تبحث عن عمل ليصدمك الواقع بأنّ معظم الفرص المتاحة تطلب منك خبرةً عمليّةً لسنوات، وكيف تحصل على الخبرة؟ من خلال العمل الذي يحتاج منك أن تملك خبرة لتحصل عليه.
هذه الحلقة المفرغة التي صادفت ولازالت تصادف الشباب عند دخولهم سوق العمل، فيشعرون بأن العالم أقفل أبوابه في وجههم.
يواجه الشباب –بنسبة تزيد بثلاث مرّات عن الأكبر منهم سنّاً- احتمال البطالة والتفاوت في الفرص في سوق العمل، ومعروض وظائف لا ترقى لطموحاتهم [3] وتشير التقديرات أنّ عمالة الشباب تراجعت على مستوى العالم بنسبة 8.7% في عام 2020 مقارنة ب 3.7% للبالغين. [4]
أمّا بالنسبة للشباب السوري، الذي لمّا يخرج بعد من تأثيرات الحرب الكثيرة يجد نفسه أمام أعمال أقلّ من طموحاته وقدراته، وبأجورٍ زهيدةٍ لا تتناسب مع الجهد المبذول ، ولا حتّى الظروف المعيشيّة في بلده، فيهاجر للبحث عن فرصٍ أكثرَ في الخارج، لتخسر البلد خبراتٍ ومهاراتٍ ليست في غنىً عنها.
البطالة والاكتئاب، تدنّي الدخل، الفجوة بين الخبرات العلميّة التي اكتسبها والخبرات العمليّة التي يحتاجها، كل تلك العقبات التي تقف في طريق الشاب وتمنعه من الوصول للمستقبل الذي يحلم به، وبالطّبع غيرها الكثير.
لذلك كان لا بد من وجود اليوم العالمي لمهارات الشباب للاحتفاء بجميع الشباب الذين يواجهون العديد من العقبات في سبيل تأمين فرص عملهم.
المرأة في هذا العالم تعاني في جوانب متعدّدة لم يكن سوق العمل استثناءً لها، على الرّغم من الجهود المبذولة لتحصيل العدالة للمرأة في هذا المجتمع ولكن الإحصائيات تشير إلى أنّ مشاركة النساء في القوّة العاملة العالميّة تبلغ 48.5% وذلك في عام 2018 وهي أقلّ بنسبة 26.5% من معدّل الذكور، بالإضافة لذلك زاد معدّل البطالة العالمي للنساء عام 2018 بنحو 0.8% عن معدّل الرجال، وإجمالاً لكل عشرة رجال يعملون يناظرهم ست نساء فقط. [5]
أترككم أمام هذه الأرقام لتتخيّلوا طول المسير ومشقّته الذي لازال أمام المرأة حديثة التخرّج لتجد مكانها في سوق العمل، بالإضافة للظواهر الأخرى، كالتحرّش في مكان العمل، وصعوبة إيجاد التوازن بين العمل والمنزل، نظرة المجتمع للأم العاملة على أنّها أمٌّ مهملة. وغيرها من المشكلات الكثيرة التي تواجه المرأة.
الحلول لتلك المشكلات متوافرة بين أيدينا، ولا تتطلب سوى الوعي بها وأهميّتها، لنبدأ بضرورة إدراك أرباب الأعمال بضرورة توظيف الشباب وتعليمهم وإكسابهم الخبرة العمليّة التي يحتاجونها، لأن المستقبل يقبع بين أيديهم، وبمجرّد التخيّل لوهلةٍ أن يسقط مستقبلنا في الأيدي عديمة الخبرة، نشعر بالخطر المهدد لهذا المستقبل.
بالإضافة إلى التعليم والتدريب التقني والمهني الذي من شأنه أن يزوّد الشباب بالمهارات اللازمة للالتحاق بعالم العمل. [4]
وعلينا ألا ننسى ضرورة تطوير النظام والمحتوى التعليمي ليتناسب مع متطلبات هذا العصر ويواكب التغييرات المتسارعة.
بالإضافة لأهميّة العمل التطوّعي خلال السنوات الدراسيّة ليكتسب الشاب بعض الخبرات العمليّة من جميع الجوانب، كتعلّم القيادة وتنظيم الوقت والتعاون والعمل ضمن فريق، بالإضافة إلى جانب مساعدة المجتمع المحلّي.
يمكننا أن نقوم بتنفيذ مشروعاتٍ ومبادراتٍ مجتمعيّةٍ قوامها طاقات الشباب، لتوظيف تلك الطاقات تجاه بناء المجتمع، ويمكننا أن نضيف المؤتمرات والندوات العلميّة لتجهيز الشباب للمستقبل الذي ينتظرهم.
وأخيراً، في هذا العالم تربينا على أن يكون المستقبل للجيل القادم، أن نسعى بأقصى ما نستطيع لنترك هذا العالم أفضل لمن هم بعدنا ولكن، عندما أعيش في هذا المجتمع أتساءل هل حقّاً بذل من هم قبلي كل جهدهم لتركي في هذا العالم؟ هل هذا العالم بعد محاولاتهم تركه أفضل لي ولجيلي، نحن شباب هذا العصر.
ونحن في مبادرة Uplifting Syrian Women، نعمل جاهدين لمساعدة الشباب لتمكين مهاراتهم وإثرائها بالخبرات العمليّة، وإعانتهم على تجاوز العقبات التي وضعها الحاضر في طريقهم، ليصلوا للمستقبل الذي يستحقّونه.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
المصادر
[1] Quote Fancy
[2] E3arabi