Uplifting Syrian Women

Julia Domna

امرأة من التاريخ: جوليا دومنا

هل يمكن لامرأةٍ سوريةٍ أن تحمل صفة امبراطورةً على روما؟
نعم، إنها جوليا دومنا.

لعلّك سمعت بهذا الاسم مصادفةً في مكانٍ ما، فهل تعرف من تكون؟ هي إحدى رموز المرأة في التاريخ السوري التي لا تقل أهميةً عن غيرها من الملكات كزنوبيا، وصورة مشرفة للمرأة السورية في كل العصور.
لطالما كانت المرأة السورية مبدعةً وملهمةً ومتقنةً لكل ما تقوم به، أماً كانت أو زوجة أو حتى قائدة، فكيف إذا قامت بكل هذه الأدوار امرأة واحدة.

فمن هي جوليا دومنا؟ ومتى ولدت؟ وأين؟ 

ولدت جوليا دومنا ضمن عائلة عريقةً ونبيلة من الأسياد في مدينة تتوارث كهنوت عبادة الإله إل اجبل (أيل الجبل). حيث كان والدها جوليوس باسيان، الكاهن الأعظم لهذه العبادة في حمص وفي الامبراطورية الرومانية. تاريخ ولادتها غير معروف على وجه التحديد. إلا انه من المرجح أن يكون بين عامي 166م أو 170م، في مدينة (إميسا) حمص في سوريا. [1]

ماذا عن الحياة الخاصة لجوليا دومنا؟

سمع سبتيموس سفروس -الذي كان قد تولى العديد من المناصب الرفيعة في الإمبراطورية الرومانية- عن امرأة من حمص تنبأوا لها بالزواج من ملك. كانت هذه المرأة جوليا دومنا، وهكذا تمت خطبتها لسبتيموس. بينما تقول بعض الروايات أنها كان في مهمة في منطقة سوريا الحالية، وهناك قابلها فأعجب بها ثم تزوجها. [2]

أنجبت منه ولدين هما كركلا (قرة الله) عام 188، وغيتا 189م. قد تنقلت الأسرة بين سوريا وليون وروما ثم كارنوتوم بين عامي 191-193م في النمسا شرق فيينا، حيث نادى به الجنود هناك ليصبح القيصر. وفي التاسع من حزيران ذلك العام دخل روما، ونالت جوليا دومنا لقب المعظمة. [1]

اقرأ أيضاً: امرأة من التاريخ: أسمهان.

جوليا كإمبراطورة والمناصب التي شغلتها

إلى جانب زوجها القوي أسست جوليا دومنا سلالة حاكمة داخل الإمبراطورية الرومانية حكمت طيلة 42 عاماً. كانت جوليا دومنا قد حازت ألقاباً كثيرة مثل "أمّ الوطن" و "أمّ الشيوخ" و"أمّ المعسكرات والجنود"، وغيرها الكثير من الألقاب. حتّى قيل إنها حصلت على ألقاب أكثر من أي إمبراطورةٍ أخرى في روما. وربما يعود هذا إلى أن زوجها لم يكن الوحيد من أقربائها المباشرين الذين يحكمون الإمبراطورية الرومانية. فقد كانت أختها "جوليا ميسا" جدّة لإمبراطورين من الحكام. [2]

شاركت جوليا دومنا عام 208 م زوجها في حربه ضد بريطانيا، حيث بقيت في الجبهة مدة ثلاث سنوات وحضرت توقيع اتفاقية السلام عام 211 م. [3]
يذكر أنها كانت ذات ثقافةٍ عاليةٍ واهتمام كبير بالأدب والفلسفة من خلال عقد حلقاتٍ للأدباء والفلاسفة في قصرها. من هؤلاء الكتّاب الكاتب فلافيوس فيلوستراتوس الذي ألف كتاباً -بناء على طلب جوليا دومنا- عن حياة الفيلسوف الفيثاغوري أبولونيوس. [1] 
في عام 204 عقدت في روما دورة الألعاب التي كانت تقع مرة واحدة فقط كل مئة وعشر سنوات برئاسة جوليا دومنا. [3]

رافقت جوليا دومنا زوجها في المعارك التي خاضها في الشرق ونالت لقب الشرف أم المعسكر (mater castrorum). على الرغم من وقوف القائد بلاوتيان في وجهها ومنعها من تحقيق النفوذ، إلا أنها على يد كركلا استطاعت أن تمارس دورها كحاكمةٍ إلى جانب زوجها. لكن في السنين اللاحقة زاد الخلاف بين ولديها كركلا وغيتا، بعد أن توجب أن يحكما معاً وفق إرادة والديهما. [1]

فكانت لكركلا الكلمة الفصل كونه الأكبر سناً. قام كركلا في الحادي عشر من كانون الثاني 211م بقتل أخيه غيتا الذي كان قد دعاه إلى لقاء مصالحة. قضى غيتا بين أحضان جوليا دومنا التي أصيبت فيما تحاول حمايته. وبالطبع تركت هذه الحادثة أثراً ليس بالقليل في نفس جوليا دومنا وفي علاقتها مع ولدها كركلا. إلا أن ذلك لم يغير من مكانتها في الإمبراطورية فظلت تعامَل بفائق الاحترام وكانت المسؤولة عن الشؤون الإدارية في الإمبراطورية. أما كركلا فركز جهوده على الناحية العسكرية والمعارك. [1]
وفي الثامن من نيسان عام 217 م قتل ابنها الثاني كركلا أثناء تواجده في الرها في شرق سوريا، إذ قتله أحد الحراس بتحريضٍ من القائد الروماني مكرينوس الذي أصبح قيصراً من بعده. [1]

كيف كانت نهاية هذه الملكة المميزة؟

ليس هناك تحليلٌ واحدٌ بخصوص نهاية جوليا دومنا، فالبعض يقول أنها أرادت الانتحار جوعاً. بينما هناك روايةٌ أخرى تقول إن الإمبراطور الجديد أبقى لها حاشيتها ووضعها المعنوي في الإمبراطورية، لكنها أرادت تدبير انقلاب عليه. وهنا عاقبها بالموت، ولكن غير معروفٍ بالضبط كيف ماتت. [2]

ولفت المؤرخ السوري الدكتور محمود السيد نائب مدير المخابر في المديرية العامة للآثار والمتاحف أنه اكتشف في سوريا العديد من القطع الأثرية التي تصور الملكة جوليا دومنا. منها قطعة نقدية مصنوعة من معدن الفضة تؤرخ بالفترة الواقعة ما بين القرن الثاني والثالث الميلادي. صوّر على وجه القطعة صورة نصفية للإمبراطورة جوليا دومنا بوضع جانبي. والنقد الأثري الفضي محفوظٌ حالياً في متحف دمشق الوطني. [3]

إن مبادرتنا تفخر بوجود نساءٍ رائداتٍ ويحتذى بهن في الماضي وفي الحاضر على حدٍّ سواء. ونأمل بأن تبقى صورة المرأة السورية مشرقةً وملهمة، ورمزاً لا يستهان به في القوة والعلم والثقافة.

♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.

المصادر

[1] Marefa

[2] Arabic Post

[3] SANA