الحياة الروتينية يمكن أن تكون في كثيرٍ من الأحيان مقبرةً للأحلام دون وعينا بذلك، فالملل والتأجيل اللذان يقع فيهما الكثيرون يمكن أن يكونا من أخطر المشاكل التي قد لا ترى ولا يتم إدراكها سريعاً.
لكن قصة براءة وإصرارها على تحقيق طموحها يمكن أن يكون تجربةً مهمة لكل من يحاول تحقيق أحلامه في ظل الصعوبات التي نواجهها في حياتنا اليومية البسيطة.
"الوحي حظُّ المهارة إذ تجتهد" بهذه العبارة لخّصت بطلتنا لهذا الشهر قصة نجاحها، براءة الطرن شابة سورية، دخلت مجال الكتابة بقوة، وثبتت خطاها بوعدٍ جميلٍ سيتحقق بإصدار كتابها الأول الذي يحمل عنوان "أربعة عشر وجهاً حزيناً" تشاركنا فيه يومياتها في ميكرو مزة جبل كراجات، وتهديه إلى الحزانى: وجوهاً، وقلوباً، وبلاداً. الكتاب سيصدر قريباً عن دار المتوسط.
شابة سورية، ولدتُ عام 1995، درست الحقوق في جامعة دمشق، فأنا الآن محامية وكاتبة.
بدأتُ الكتابة في الصف الخامس الابتدائي، وبدعمٍ كبيرٍ من معلمة اللغة العربية، التي عبرت صراحة عن رؤيتها لقدرةٍ مذهلةٍ لدي في كتابة مواضيع التعبير، وقد يكون ذلك التصريح من المعلمة ودعمها، فكانت هذه هي الخطوة الأولى في عالم الكتابة.
أما الخطوة الحقيقية الأولى كانت عام 2019 ضمن صفحة "ببراءة" في صحيفة الأيام السورية وهي صحيفة سورية مستقلة كانت تصدر بشكل أسبوعي.
تتحدث براءة عن أبرز الصعوبات التي واجهتها خلال رحلتها في إثبات نفسها في عالم الكتابة، ويأتي في المرتبة الأولى، تحديات الحياة اليومية في سوريا، من انقطاع التيار الكهربائي، الذي يليه انطفاء "الكمبيوتر المحمول" في لحظات تعتبر حرجة، من حاجتك لإنهاء عملٍ بدأته أو لحظة انسكاب الوحي أو لحظة اندماجٍ في القصة لا يجب بتر تسلسلها.
هي صعوباتٌ لا يمكن تجاوزها، فلا حلَّ سوى تقبلها والتأقلم معها. صعوباتٌ من نوع آخر، تجلت بالقلق والخوف من الفشل، وهي مشاعرُ طبيعيةٌ يمرّ بها كل شخص، خاصةً عندما يقترب من تحقيق حلمه الأكبر، مع المرور بلحظات تعبٍ وغضبٍ أوجهه إلى نفسي، لكن الأصعب هو اللحظات التي يشعر فيها الشخص أنه يرغب بالاستسلام، لكن تجاوزها انتصارٌ كبير.
ليس عندي كتيبٌ جاهز للنصائح التي يمكنني أن أهديها لغيري ممن يرغبون بخوض نفس التجربة. إذ لكل شخص قصته، وتجربته الفريدة من نوعها، هي رحلة بمصاعبها وإنجازاتها، لكن المهم ألا نستسلم.
في الحقيقة أرى أن الشخص الناجح هو الذي يقرر أن يعطي وقتاً أكثر، ويبذل جهداً أكبر لتحقيق حلمه. وهنا أحب أن أذكر جملة للشاعر محمود درويش "الوحي حظ المهارة إذ تجتهد."
فمقياس النجاح بالنسبة لي مرتبطٌ دوماً بالمهارة والجهد. وأما عن أهدافها قالت براءة: "لدي هدفٌ دائمٌ بأن أقول نحن كسوريين لا نزال موجودين ولا تزال أحلامنا كبيرةً وسنجد الطرق التي ستوصلنا إليها في النهاية".
من عائلة Uplifting Syrian Women نتمنى لبراءة كل التوفيق والنجاح في حياتها، وفي كل خطواتها، ونفرح ونفخر بتسليط الضوء على قصة نجاحها الملهمة.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
اقرأ أيضاً: لين وضاح صائب.