هل يتحول "اليوم الدولي للسلام" إلى نمط حياةٍ نعيشه، ويتحول هذا العالم إلى "يوتوبيا"؟
"عندما تتغلّب قوّة الحب على حب القوّة سيشهد العالم السلام"
- جيمي هنتركس. [1]
هل سمعت عن حلم الإنسان ب "يوتوبيا"؟ "يوتوبيا" هي المدينة الفاضلة، حيث لا مكان للحرب والنزاع والعنصريّة.
كل ما تراه على مد البصر هو الحب والتعاون والإخاء، كانت ولا تزال يوتوبيا حلم جميع المناضلين، وأولئك الدعاة لبناء عالم من السلام، وفي الحقيقة هي حلم كل إنسان، وجدت الإنسانيّة طريقها إلى روحه.
بدأ الأمر في عام 1981 بهدف "الاحتفال بمُثُل السلام وتعزيزها بين جميع الأمم والشعوب." وبعد مرور عقدين من الزمن حددت الجمعية العامّة 21 سبتمبر تاريخاً للاحتفال بالمناسبة سنويّاً "كيومٍ لوقف إطلاق النار عالميّاً والحد من العنف من خلال التعليم والتوعيّة الجماهيريّة والتعاون للتوصّل إلى وقف إطلاق النار في العالم كلّه." [2]
ونتيجةً لتطوّر المجتمعات تطوّرت مشكلاتها، لم يعد مصطلح "السلام" يمثّل نقيض الحرب فقط، ولم تعد نداءات السلام تبنى بالكامل على ترك السلاح، وإيقاف الحرب، ولكن ترافق مصطلح السلام مع حالة من انعدام التوتّر والعنصريّة والاضطهاد، حالة تعمّ فيها العدالة بين الأعراق والأديان والجنسين، نبتعد فيها نحن كبشر وككل عن العنف والقتل والتمييز.
لذلك كان موضوع عام 2022 هو "إنهاء العنصريّة وبناء السلام." [2]
وكلّما توسّع مفهوم السلام وزادت أركانه، كلّما زاد شعور الناس بأنّه خرافة تحكى للأطفال ليبقى الأمل داخلهم، ولن يقدروا على نيله أبداً، ولكن بالمقابل ازداد الاندفاع نحوه والجهد لتحقيقه وتكريسه للجيل القادم من أجل الحفاظ عليه، وفي واقع الأمر مهمّة السلام هي مهمّة صعبة ولكنّها ليست مستحيلة.
كما يخبرنا عنوانه، فإن اليوم الدولي للسلام يهدف إلى حثّ الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء العالم إلى إلقاء السلاح والالتزام ب 24 ساعة من اللاعنف والعمل من أجل الوئام. [3] ولهذا السبب ولتأكيد أهمية فض النزاعات والحد منها قدمنا بعض أساليب حل الصراعات بمنشورٍ في أول أسبوع من الحملة.
تعددت قضايا السلام، وأهدافه ومتطلباته، ولكن بقيت ثقافة السلام هي ثقافة الحوار والوقاية، وذلك لأن السلام الذي نسعى له هو البعد عن خطاب الكراهيّة، والابتعاد عن العنصريّة والاضطهاد، وهي ثقافاتٌ لن تندحر إلّا بالوعي. ي بحاجةٍ ماسّةٍ لرفض الأنماط المزروعة في لاوعينا، وأن نحكّم العقل الواعي والمنطق، أن ننفض غبار العادات والتقاليد ونعمل على تقبّل الآخرين بما هم عليهم، واحترام حريّاتهم وعاداتهم.
ليست بالمهمّة السهلة أن نرفض الأفكار المزروعة والتي رافقت المجتمعات لمئات السنين، ونبدأ بخلق أفكارٍ جديدةٍ ولكن هذا ما يتوجّب علينا فعله لإنشاء ثقافة السلام، وزرعها وتغذيتها.
لذلك، يهدف اليوم الدولي للسلام، لنشر الحب ومعالجة الأسباب الجذريّة للمشكلات، ودعم التربية والتعليم – السبيل الوحيد لغرس طريقة التفكير السليمة- والنهوض بحريّة التعبير، وترسيخ الحوار بين الثقافات، واحترام حقوق الإنسان والتنوّع الثقافي وتعزيز التعاون العلمي. [4]
وكما أن أحد مساعي اليوم الدولي للسلام هو دعم التعليم فإن التعليم الصحيح يساعد في نشر السلام. فأطلقنا ورشة عملٍ عن البرامج المعنية بالسلام إضافة إلى مقالٍ حول دور التعليم في بناء السلام. إذ نرى أن دمج السلام بطرق ومناهج التعليم سوف يحدث فرقاً إيجابياً عالمياً إذا تم تطبيقة بالطريقة الصحيحة.
المرأة، هذه المخلوقة الجميلة اللطيفة، التي مثّلت عبر التاريخ رمز الحب والحنان واللطف، تحتاج إلى الحب والاستقرار لتزدهر. لهذا السبب ولأننا نثق ثقةً تامةً بأهمية المرأة في نشر السلام خصصنا مقالاً يتحدث عن دور المرأة السورية في بناء السلام..
إذ منذ الأزل والمرأة تسعى إلى السلام، وتمشي نحوه، كل النداءات التي صرختها المرأة، وعبرت عنها بدموعها كانت بهدف السلام، فالعدالة التي نطالب بها ما هي إلّا نبذ الاضطهاد والتمييز بين الجنسين، حقّنا بالعيش الكريم دون عنفٍ أسريٍّ أو مجتمعي، أن تُعامل المرأة كإنسان من دون أن تخشى على نفسها من التحرّش والاغتصاب، و الاتجار.
المرأة لم تطالب في يوم من الأيام بأكثر من حقّها بالعيش في المجتمع بسلام، أن تسير على الطرقات بدون خوف، أن تعمل في مكانٍ يحترمها، ويصون حقها فقط.
العنف القائم على النوع الاجتماعي هو أحد أشكال العنف التي يسعى اليوم الدولي للسلام للقضاء عليها. بالطبع اليوم الدولي للسلام ما هو إلّا تذكيرٌ بحرب الإنسانيّة جمعاء ضد العنف والكراهيّة، لأن الحرب من أجل السلام، هي مجموعةٌ من المعارك على الكثير من الجبهات، وهي حربٌ مستمرّة ولن تتوقّف حتى ننال يوتوبيا التي نحلم بها.
ليس من المستغرَب بأن نقول، المجتمع الآمن هو مجتمٌع جاهزٌ للازدهار، لأن السلام يمنح الناس الفرصة للتفكير بشيء آخر. عوضاً عن البحث عن الحماية والاستقرار. فأقمنا جلسة نقاشٍ تركز على العلاقة ما بين السلام والتنمية وترابطهما بعدة نواحي.
كما يمكننا أن نرى عبر التاريخ أثر السلام والاستقرار على المجتمعات. فتلك التي بدأت تؤرّخ الحضارة هي التي تمكّنت من الاستقرار بجانب الأنهار وأمنت مصدر عيشٍ قريبٍ لمسكنها. تركت حياة الترحال.
وما غاية الإنسان سوى السير نحو المستقبل. ومن لا يحلم بالنجاح والتطوّر، ولكنّك لن تحقق مبتغاك وأنت تحارب من أجل حياتك، أو من أجل أن تحقق احترام لحياتك، جنسك، خياراتك، أن يُسمع صوتك، وأن تُرى فقط كإنسانٍ لا كأي شيء آخر.
من خلال مبادرة Uplifting Syrian Women، قدّمنا حملة السلام، تحت عنوان Choose Peace أو السلام خيارنا، وكانت رسالتنا من خلال تلك الحملة "To reach peace, teach peace"، إذ نرى أن نشر ثقافة السلام يبدأ من كل فرد مننا. كل فرد يعيش بسلام تلقائياً سوف يدعو ويلهم من حوله للعيش بسلام.
بدأنا بحملة Choose Peace في الأول من سبتمبر، وكانت أهدافنا واضحة من خلالها والتي نأمل بأننا إن لم نحققها، دفعنا قافلتنا خطوة أخرى في سبيل تحقيقها. وكانت مقسمة لثلاث أسابيع، وكل أسبوع بمحور محدد.
نأمل في أن تكون حملة Choose Peace ساعدتكم على البدء في مسيرتكم الخاصة في نشر السلام. حملتنا هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لن نتوقف حتى نبني وننشر السلام في سورية وفي العالم أجمع. لذا دعونا نمشي معاً على الطريق، دعونا نحاول نشر الحب والفرح والسلام سوية. فلنحاول ردع العنف والقضاء على الظلم والفقر والكره.
أمن وسلام العالم يخصنا. انتهاك حقوق النساء والأطفال في بلد غريب هو انتهاك لحقوقنا. المجاعات والأزمات الإنسانية مدمرة للجميع. إلى متى سوف نتدعي أن هذه القضايا لا تمسنا مباشرة؟
دعونا نتكاتف ونبدأ الآن. فلترك الطمع، والتردد، والخوف برفقة بعضهم ولنبدأ الآن في مهمة نشر السلام وكل ما هو جميل ومليء بالخير للبشرية بأسرها.
مبادرة Uplifting Syrian Women هي مساحة آمنة، تحفظ حق حريّة التعبير والتعامل باحترام، ونحن نتمنّى أن نكون محطّةً من مسير البشريّة باتجاه السلام، أن نبثّ لكم صيحات ودموع النساء اللواتي سبقتنا في سبيل هذه الدعوى، وألّا تضيع تضحياتهن هباءً.
🌿مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
المصادر
[1] 7ekam
[2] UN
[3] UN
[4] Unesco