إن الترجمة ليست وسيلة للتواصل فحسب، بل هي نشاطٌ فنيٌّ إبداعيٌّ وثقافيٌّ لا غنى عنه في العلوم والآداب والخطابات، هل تظن أن تقارب الشعوب ونقل النتاج الخاص بهم عبر القارات، كان ممكناً دونها؟
عبر الترجمة نحن فعلياً نتجاوز الحدود ونوحد كافة البشرية. من هنا أتت فكرة اليوم الدولي للترجمة بهدف الإشادة بعمل المتخصصين في اللغات، الذين يلعبون دوراً مهماً في التقريب بين الدول، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين.
وإحقاقاً لأهمية الترجمة، أطلق الاتحاد الدولي للمترجمين (تأسس عام 1953) فكرة الاحتفاء "باليوم العالمي للترجمة" منذ العام 1991، كمناسبةٍ لإظهار التعاون بين المترجمين في أنحاء العالم، ولتعزيز أهمية الترجمة وأعمال المترجمين. ثم تجاوبت الجمعية العامة للأمم المتحدة مع هذا الطرح واعترفت بهذا اليوم واحتفت به للمرة الأولى في 30 أيلول/سبتمبر من العام 2017. [2]
في 30 سبتمبر يتم الاحتفال بعيد القديس جيروم، مترجم الكتاب المقدس، الذي يعتبر شفيع المترجمين.
وقد كان كاهناً من شمال شرق إيطاليا، وحاول ترجمة معظم الكتاب المقدس إلى اللاتينية من المخطوطات اليونانية للعهد الجديد. كما ترجم أجزاءً من الإنجيل العبري إلى اليونانية. لغته الأم كانت الإيليرية. وتعلم اللاتينية في المدرسة إضافة لإجادته اللغة اليونانية والعبرية. وتوفي جيروم بالقرب من بيت لحم في 30 سبتمبر من عام 420 م.
في كل عام منذ عام 2005، تدعو الأمم المتحدة جميع موظفيها وموظفي البعثات الدائمة المعتمدين والطلاب من جامعات شريكة مختارة للمنافسة في مسابقة القديس جيروم للترجمة في الأمم المتحدة، وهي مسابقة تكافئ أفضل الترجمات باللغات العربية والصينية والإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية وكذلك الألمانية، وتهدف إلى الاحتفال بتعدد اللغات وتسليط الضوء على الدور المهم للمترجمين وغيرهم من المتخصصين اللغويين في الدبلوماسية متعددة الأطراف. [1]
يتحدث البشر نحو 7 آلاف لغة. وهي مع انعكاساتها المعقدة على الهوية والتواصل والتكامل الاجتماعي والتعليم والتنمية، لها أهمية استراتيجية للناس والعالم كله. تلعب دوراً حيوياً في التنمية، وفي ضمان التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات، وكذلك بناء مجتمعات المعرفة الشاملة والحفاظ على التراث الثقافي، وفي تعبئة الإرادة السياسية لتطبيق فوائد العلم والتكنولوجيا للتنمية المستدامة.
ويعتبر تعدد اللغات عاملاً أساسياً في الاتصال المنسجم بين الشعوب، كما تعتبره الجمعية العامة للأمم المتحدة قيمةً أساسيةً للمنظمة. ومن خلال تعزيز التسامح، يضمن تعدد اللغات المشاركة الفعالة والمتزايدة للجميع في عمل المنظمة، وكذلك زيادة الفعالية والأداء الأفضل والشفافية المحسنة. [3]
الأمم المتحدة هي واحدةٌ من أكبر أرباب العمل في العالم للمهنيين اللغويين. يعمل عدة مئات من موظفي اللغات في مكاتب الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف وفيينا ونيروبي، أو في اللجان الإقليمية للأمم المتحدة في أديس أبابا وبانكوك وبيروت وجنيف وسانتياغو. إن المترجمين هم نوع من المهنيين اللغويين العاملين في الأمم المتحدة.
معدي النسخ، المراجعين، محضِّرو المواد المطبعية، المحررون، المترجمون الشفويون، مساعدو التحرير، وعلماء المصطلحات، المترجمون، مدوِّنو المحاضر الحرفية. [1]
وفي عصر تكنولوجيا الاتصالات تدخل مهنة المترجمين في منافسةٍ شديدةٍ حالياً مع الآلات والذكاء الاصطناعي. فقبل عدة سنوات، أعلنت غوغل إطلاق نظام الترجمة الآلية العصبية (GNMT) مؤكدةً أنه لن يمكن تمييز الترجمات الآلية بهذه التقنية عن ترجمات البشر، وتزايد الاعتقاد بأن المهنة العريقة في طريقها للاندثار على أيدي الآلات ومع ذلك، لا يبدو أن وعود المبرمجين بإزالة الحواجز اللغوية وإلغاء الحاجة إلى المترجمين قد تحققت بعد.
منذ عقودٍ -عندما تم ابتكار أول عملية ترجمة آلية عبر الحواسيب- لم يتم الاستغناء عن المترجمين الذين لا يزالون يعملون في شتى المجالات، بما فيها السياسة والتجارة والإعلام والسياحة وحتى الدوائر الحكومية. ويتزايد الاعتقاد بأن الترجمة الآلية ستفيد كأدواتٍ مساعدة للمترجمين البشريين، وليست بالبديل الصرف عنهم. [3]
إن تعدد اللغات -كما ذكرنا سابقاً- من أساسيات عصرنا وعالمنا الذي نعيش فيه. وفي عصر العولمة فإن المعلومات تنتقل من مكان لآخر ومن بلد لآخر بسرعة البرق، لذا كان من الأقسام المحورية لمبادرتنا Uplifting Syrian Women فريق الترجمة، الذي يقوم بترجمة كل المقالات والمنشورات الموجودة على منصاتنا.
نشكر فريق الترجمة على جهوده الكبيرة، ونتمنى لكل أفراده دوام التألق والنجاح بمناسبة هذا اليوم. والجدير بالذكر أنه من أهم الدورات التدريبية المقدمة من فريقنا هي دورات المحادثة واللغة الإنجليزية. بإمكانكم الاطلاع عليها والاستفادة منها بزيارة صفحة المبادرة على أي من منصات التواصل الاجتماعي، أو بزيارة موقعنا الإلكتروني.
اقرأ أيضاً: اليوم الدولي للمساواة في الأجور بين الجنسين.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
المصادر
[1] UN
[2] Alesco
[3] Aljazeera