Uplifting Syrian Women

Najah Saati

امراة من التاريخ: نجاح الساعاتي

نجاح الساعاتي ككثيرٍ من النساء السوريات خلدت أثراً لا يُنتسى في تاريخ هذا البلد. حضاراتٌ عريقةٌ انطلقت وقامت وتهدمت؛ وولد عظماءٌ وماتوا وولد غيرهم وتم نسيان آخرين.

لكن أعرق الحضارات وأعظم العظماء كانوا هنا؛ في أرض الشام... أرضٌ ولّادةٌ لا تنجب سوى التميز وروّاد المراتب العليا وأوائل المنجزين والمفكرين شاغلي الصفوف الأمامية على مر الزمن. وليس بغريبٍٍ أن النساء السوريات على امتداد العصور برزوا وكانوا قدوةً لأقرانهم ومثالاً يحتذى به، كنجاح الساعاتي.

السيدة التي ناضلت واجتهدت حتى حققت أكبر الإنجازات وأهم الأحداث المفصلية في حياة المرأة العربية والسورية على وجه الخصوص.

من هي نجاح الساعاتي؟

هي امرأةٌ سوريةٌ من مواليد مدينة حمص عام 1925 لأسرةٍ ميسورة الحال. عاشت فيها متممةً مرحلة التعليم الابتدائي في مدرسة الروم الأرثوذكسية. نالت الشهادة الإعدادية السورية والفرنسية برتبة جيد. بعدها انتقلت إلى العاصمة دمشق وحصلت على أول شهادةٍ ثانويةٍ لها بتقدير جيد. ونالت الشهادة الثانوية الثانية في الفلسفة وحدها وهي خارج المدرسة. [1]

 دراستها الجامعية ومسيرتها العلمية الحافلة

 درست نجاح الصيدلة في الجامعة السورية وهي أول جامعةٍ حكوميةٍ في الوطن العربي (جامعة دمشق حالياً). ترأس الجامعة حينها الدكتور منيف العائدي أكبر داعمي الدكتورة نجاح. تخرجت منها عام 1949 متزينةً بوسام الصيدلانية الأولى في سوريا والوطن العربي. الحدث الذي شغل أقلام الصحفيين والعناوين العريضة في صفحات الجرائد فرحاً وفخراً.[1]

شوقها وشغفها للعلم جعل لطموحها حدوداً أبعد من السماء. إذ حصلت على درجة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي من جامعة موسكو. مناقشةً رسالةً بعنوان (خصائص تطور رأس المال في سوريا) ونالت لاحقاً شهادة الدكتوراه في الفلسفة.

حياة نجاح الساعاتي العملية

دخلت نجاح الحياة المهنية من أوسع أبوابها بعملها سنةً كاملةً لدى أكبر صيدليةٍ في حمص. ما لبثت بعدها أن صنعت لنفسها عملها الخاص مفتتحةً صيدلية النجاح عام 1950 في شارع الحميدية ضمن مدينة حمص القديمة.

 تم انتخابها كأول عضوةٍ سيدةٍ في نقابة صيادلة حمص وأول أمينة سر للنقابة. إلى جانب ممارسة مهنتها عملت كمدرّسةٍ في مدرسة تجهيز البنات في حمص.

إتقانها اللغة الفرنسية وممارستها لها واطّلاعها الواسع على الثقافة الفرنسية ساعدها على ترجمة الكتب الفرنسية القيمة. الأدبية منها والعلمية. أغنت الدكتورة نجاح المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والترجمات المهمة. تجاوز عددها الخمسة عشر كتاباً في مواضيعَ مختلفةٍ ومميزةٍ إنسانيةٍ واجتماعية.

وكان لقلمها وقعه المميز في العديد من المجلات مثل مجلة الينبوع ومجلة المرأة وجريدة النور. [2]

نجاح الساعاتي ناشطةٌ اجتماعيةٌ وسياسيةٌ على مستوىً رفيع

شخصيّةٌ كنجاح ليس غريباً عنها أن تمقت الاحتلال وترفضه مترأسةً أول مظاهرةٍ نسائية عام 1943 ضد الانتداب الفرنسي آنذاك. وكانت أول من رفعت الحجاب في حمص. كما كانت سكرتيرةً لجمعية إعانة الطالبات الفقيرات في مدرسة التجهيز.

 تم انتخابها في لجنة الأمهات العالميات الدائمة وساهمت في تشكيل رابطة النساء السوريات. انتسبت إلى جمعية الهلال الأحمر في حمص وتم انتخابها عام 1951 عضواً إدارياً فيها.

شاركت في مؤتمر الأمهات العالمي الذي نظمه حينها الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في سويسرا عام 1955. وأصبحت عضواً في مجلسه. افتتحت مع زوجها دار (ابن الوليد) للنشر في حمص. أسست دار (الجماهير الشعبية) للنشر في دمشق مهتمةً بالكتب ذات الطابع الوطني والاجتماعي. أغلقت دار النشر هذه لاحقاً وأهدت كل ما فيها للحزب الشيوعي السوري الموحد.

تم اختيار نجاح الساعاتي عضواً في (المجلس الوطني لقياد الثورة) الذي تأساس بين عامي (1965- 1966) برئاسة منصور الأطرش. شغلت دوراً أساسياً على صعيد المداولات وكانت عضواً في لجنة الشؤون العربية والخارجية في المجلس. وكان لها اسمها في أهم اللجان البرلمانية. [2]

حياة الساعاتي العائلية وإرث عريق من المقاومة والتصدي

 نجاح الساعاتي ابنة الصحفي المخضرم أديب الساعاتي المناضل ضد الانتداب الفرنسي. واحدٌ من الثوار الذين انتفضوا ضد فرنسا والتحق بصفوفهم من عام (1924-1928).

أصدر أديب الساعاتي صحيفة (الشرق) في حمص التي كانت من أهم الصحف المعارضة للمحتل الفرنسي. عمل الاحتلال الفرنسي بدوره على تعطيلها وسحب ترخيصها. اضطر الساعاتي إلى إصدار صحيفةٍ أخرى باسم (فتى العرب). والتي عانت من السلطات الفرنسية كسابقتها مما دفعه لمغادرة حمص والعمل في الصحيفة الدمشقية.

 عمّها سليمان الساعاتي الذي تم اغتياله على يد الاحتلال الفرنسي وتم دفنه في حلب. لها شقيقان هما صلاح وزياد وشقيقةٌ واحدة.

تزوجت من بدر الدين السباعي. لم تنجب أولاداً نتيجة حادثٍ تعرضت له عام 1956.كان هذا الحادث أثناء العدوان الثلاثي على مصر إثر اشتراكها في المقاومة الشعبية وحقل التدريب. مما أدى إلى إجهاض جنينها وحرمانها القدرة على الإنجاب بعده.

وافتها المنية بسلامٍ يوم الثلاثاء 14 شباط سنة 2017 عن عمرٍ ناهز الاثنين وتسعين عاماً. تم دفنها بمقبرة (تل النصر) في حمص سوريا. [3]

مبادرة Uplifting Syrian women تفتخر دوماً بالمرأة السورية العظيمة. تلك الحديدية الناجحة والمقاومة شاغلة المراتب الأولى في كل المجالات. وخير مثالٍ نجاح الساعاتي التي كانت ومازالت مضرب مثلٍ وقدوةً لكل فتاةٍ طموحةٍ وسيدةٍ ناجحة.

اقرأ أيضاً: جيهان الموصلي.

♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.

المصادر

[1] Syrian Modern History

[2] Syrian Women For Democracy

[3] Alwatan