إن اضطراب الهلع بما فيه من مشاكل نفسية، أصبح يهدد الكثير من الناس. حيث شهد العالم فتراتٍ سيئة وحروب ومشاهد مريعة. بالإضافة إلى حالة من عدم الأمان وخاصة في الآونة الأخيرة. مما زرع الخوف في قلوب الكثيرين حول العالم.
لكن عندما يتطور الخوف وتزداد حدته ويصبح جزءاً من حياة الإنسان. بل ويدخل كل تفصيل في حياته ويولّد شعوراً دائماً بالتهديد وعدم الارتياح. فيؤثر سلباً على كل نشاطات الحياة. متحولاً إلى نوبات هلع أو اضطراب أو حتى فوبيا. عندها يجب البحث بشكل جدي عن الأسباب والحلول للتخلص من هذه المشاكل بأقل ضرر ممكن والاحتفاظ بصحة نفسية وجسدية جيدة.
يعرّف اضطراب الهلع بأنه الشعور المفاجئ بالخوف الذي يولّد ردود فعل جسدية قوية مقارنة بالمسببات التي لا تشكل أي تهديد يذكر أو تدعو للرعب. غالباً ما يبدأ في سن المراهقة أو في بداية البلوغ وفي حالات قليلة منذ مرحلة الطفولة. وتكون النساء عرضة للإصابة به مرتين أكثر مقارنة بالرجال.
نوبات الهلع مخيفة جداً. إذ تشكل عند حدوثها حالة من فقدان السيطرة ويشعر الشخص كأنه يتعرض لسكتة قلبية وسيموت. كل شخص معرض للإصابة بنوبة هلع واحدة على الأقل طوال حياته إثر موقف صعب أو حادث معين.
تتحول نوبات الهلع إلى اضطرابٍ مرضيّ عندما تتكرر هذه الحالات باستمرار وبشكل مفاجئ (4 نوبات هلع أو أكثر). وتكوّن حالة من الخوف المستمر من التعرض لهذا الشعور في أي وقت وأي مكان وعلى مدى زمنيّ طويل. ما يؤدي إلى العيش في وضعٍ مقلقٍ وحالةٍ من عدم الاستقرار. هذا يؤدي في بعض الأحيان إلى العزلة وعدم الخروج من المنزل، كل ما سبق يدعى باضطراب الهلع. [1]
لا تزال الأسباب الرئيسيّة لاضطراب الهلع غير معروفة من قبل الخبراء بشكل دقيق. إلا أن ذلك لا يمنع ذكر بعض العوامل التي تلعب دوراً أساسياً لتمهيد الطريق نحوه. على سبيل المثال تاريخ العائلة الوراثيّ والإجهاد الشديد. بالإضافة إلى الحساسية المفرطة للهرمونات التي تثير مشاعر الخوف في الجسم والأفكار السلبيّة وتعاطي المخدرات وإدمان الكحول. كما يتضمن أيّ خلل أو اضطراب بعمل أقسام من الدماغ أو الجهاز العصبيّ الذي يعدّ محور الإدراك ومعالجة الخوف.
تشير بعض البحوث إلى أنّ استجابة الجسم الغريزيّة للقتال أو الهروب في المواقف الخطيرة تساهم في حدوث نوبات الهلع. هذا يشبه شعور مهاجمة نمرٍ شرسٍ لشخصٍ في الغابة. في هذه الحالة يستجيب الجسم على أنّه موقف مهدد للحياة بزيادة معدلّ ضربات القلب والتنفس. هذا ما يشابه أعراض نوبة الهلع لكن دون وجود سبب منطقيّ أو خطر حقيقيّ أو تهديد.
تبدأ الأعراض بشكلٍ فجائيّ وغير متوقع. أثناء قيادة السيارة مثلاً أو قراءة كتاب أو حتى أثناء نومك. تبلغ ذروتها خلال دقائق أو خلال ساعة أو أكثر. تنتهي بالشعور بالتعب والإرهاق في أغلب الأحيان.
أعراض اضطراب الهلع تتضمن الشعور بالهلاك المحدق أو الخطر. كما أن الخوف من فقدان السيطرة والوفاة من هذه الأعراض. بالإضافة إلى تسارع معدل ضربات القلب والتعرّق المفرط. يضاف لها ضيق التنفس وألم الصدر والصداع والدوار والخدر أو الشعور بالهلوسة والخوف من الجنون. [1]
الكثيرون حولك ربما مصابون باضطراب الهلع أو على وشك الإصابة به حتى لو على شكل نوبة واحدة. ومن الممكن أن تكون أنت مثلهم. خطورته لا تقلّ عن خطورة أيّ اضطراب أو مرض، جسديّ كان أم عقليّ. إثر ردات الفعل البدنية المفرطة التي يمكن أن تعيق القدرة على العمل بشكل طبيعي. وفي بعض الحالات يؤدي إلى الاكتئاب. يصبح المصابون خائفين جداً من نوبات الهلع القادمة وهذا ما يدفعهم إلى اختصار الكثير من نشاطاتهم ومهامهم العادية.
عدم اكتراث مريض اضطراب الهلع بحالته وعلاجها قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تؤثر على كلّ نواحي الحياة. بالإضافة إلى مضاعفات كفيلة أن تغير نوعية واقعه نحو الأسوأ مثل الإصابة بأنواع محددة من الرهاب. على سبيل المثال الخوف من القيادة أو الغرباء أورهاب الميادين. هذا الأخير الذي يدفع المصاب إلى تجنب الأماكن والمواقف التي تسبب القلق.
نتيجة الخوف من عدم القدرة على الهروب أو الحصول على المساعدة. فيحرص دوماً على وجود أحد معه ليستطيع مغادرة المنزل على الأقلّ. وتجنب المواقف الاجتماعية بالإضافة لمشاكل في العمل والشارع وكلّ مكان. كما يسبب إدمان الكحول والمخدرات والمشاكل المالية والأفكار الانتحارية والسوداوية الدائمة. [2]
لا بدّ من مواجهة حالة واحدة من هذه الحالات والاستعداد للسيطرة عليها. فعند مصادفة واحدة منها يجب على المصاب ألا يقاتل ويقاوم نوبة الهلع. بل أن يلزم مكانه إن أمكن ويتنفس بعمق وبطء ويتذكر أنّ النوبة ستمضي وتنتهي. وينظر نحو الجوانب الإيجابية والمريحة وأنّ ما يتعرض له لا يودي بحياته بل إنّه مجرد وقت عصيب آنيّ.
يجب على المريض المواظبة على الرياضة والأنشطة البدنية واتّباع نظام صحيّ والتقليل من المنبهات وذلك هو خير علاج. التصرف السليم في مثل هذه الأوضاع بالإضافة لتعلم مهارات التأقلم وطرق الاسترخاء يساعد على تقليل شدة ومدة نوبات الهلع أو حتى اختفائها. [2]
قد يحتاج المصاب في بعض الحالات إلى زيارة طبيب أو أخصائي للمساعدة. على سبيل المثال عند الأرق واستمرار النوبة أكثر من 15 دقيقة مرفقة بأعراض نوبة قلبية وغيرها. هذا القرار السليم من الأفضل اتباعه. بالإضافة إلى أن طرح الأسئلة وسرد السيرة المرضية التي ستساعد على علاجٍ أفضل بالتأكيد. تتضمن خيارات العلاج الأساسية العلاج النفسيّ والأدوية التي يفضّل أن تكون الخيار المستبعد.
يعتبر العلاج النفسيّ أو العلاج بالتخاطب أول خيار فعال للتماثل للشفاء. إذ يساعد على فهمِ تلك النوبات وتعلم كيفية السيطرة عليها قدرَ الإمكان. ويمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي في تعليم المصابين من خلال ما مروا به من تجارب وخبرات أنّه لا يوجد شيء يدعو للذعر. ومع دوام العلاج تتناقص الأعراض وتقلّ المخاوف وتنتهي خلال عدة أشهر. وبعدها يمكن معاودة زيارة الطبيب خلال فتراتٍ متباعدة للتأكد من أنّ نوبات الهلع تحت السيطرة.
أما المعالجة الدوائية، يجب استبعادها حتى آخر رمق، لخطورتها وحاجتها إلى الدقة والحذر وتأثيرها الذي يحتاج لوقت 8 أسابيع تقريباً لتعمل بشكلٍ كاملٍ وفعّال. وأن توصف من قبل طبيب متمكن وضمن شروط معينة. تشمل الأدوية مضادات الاكتئاب ومضادات الصرع التي غالباً ما يصاحبها أعراض جانبية. لا ينصح باستخدام هذه الأدوية في حالات مثل الحمل أو الإرضاع. [3]
مبادرة Uplifting Syrian Women تدعم وتشجع كل شخصٍ مهما كانت حالته حتى يتخطاها. فالاضطرابات أو الأمراض النفسية لا تختلف عن الجسدية ولا تدعو للخجل وتحتاج لعلاج ومساعدة طبيب أو أخصائي.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
اقرأ أيضاً:
المصادر
[1] Mayo Clinic
[2] Cleveland Clinic
[3] MOH