ما فعلته سبات إسلامبولي في زمنها كان غير عادي، حيث كان من المُعتَقَد أنّ النساء اللّاتي يدرسنَ يصبنَ بالهيستيريا. هل يمكنك تخيّل الجرأة المطلوبة للهجرة ودراسة الطب؟
نشرت طبيبة أمريكيّة صورة عائدة لعام 1985 لثلاث نساء يرتدين زيّ تقليديّ يمثل بلدانهن على مدونتها. وتمّ تسليط الضوء عليهنّ بعد أن تبين أنّهن من أوائل الطبيبات في العالم، وإحداهنّ الطبيبة السوريّة "سبات إسلامبولي".
وُلِدت سبات إسلامبولي في دمشق عام 1867، وكانت يهوديّة من أصل كردي واختلف الكثيرون على نطق اسمها. إذ يمكن أن يتمّ لفظه "ثبات" أو "تبات" واختلاف مشابه رافق كنيتها إذ قد تكون "إستانبولي" أو "إسلامبولي".
درست إسلامبولي في كليّة الطب النسائيّة في بنسلفانيا في أمريكا. ومن المعروف أنّ هذه الكليّة كانت أول كليّة في العالم لتدريب النساء على معالجة الأمراض النسائيّة المختلفة. حصلت على شهادة الطب عام 1980، ومن المُعتَقَد أنّها من أوائل النساء السوريّات الحاصلات على شهادة الطب إن لم تكن أولهنّ.¹
على الرغم من كونها امرأة ناجحة ومناضلة خاطرت بحياتها لتحقيق حلمها إلّا أنّها غير معروفة تاريخيّاً ولم يتمّ توثيق الكثير عن حياتها. فلا توجد معلومات عن خلفيتها أو نشأتها أو رحلتها للوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ما نعرفه عنها أنّها كانت تنتمي إلى عائلة ثريّة كونها كانت معروفة بارتدائها قفطان من الحرير وتزيّنها بمختلف المجوهرات.²
لا نعرف الكثير عن حياة سبات إذ أنّ جميع المعلومات عنها محصورة بما تمّ كتابته في سجلّها الجامعيّ وكتاب الخريجين الخاصّ بجامعتها. لكن من البديهيّ أنّها ناضلت وعانت كثيراً للوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الطب.
كانت ممارسة الطب -في زمن نشأتها- مقتصراً على الرجال حتى بما يتعلّق بالأمراض النسائيّة. إذ كان من المُعتَقَد أنّ النساء اللاتي يدرسن مُعرضات للإصابة بأمراض عصبيّة بأمراض في الرحم والهستيريا، كما أنّه لا يمكن لجهازين عند الأنثى العمل معاً بشكلٍ صحيح. أيّ عليها ألّا تنشغل فكريّاً للحفاظ على سلامة جهازها التناسليّ. لذلك من الممكن القول أنّ سبات إسلامبولي كانت جريئة وطموحة وواجهت قدراً من المصاعب من أجل تحصيل شهادتها.³
من المفترض أنّها عادت بعد تخرجها إلى دمشق لتمارس مهنتها كطبيبة، لكن لا يوجد حقائق موثقة عن عملها كطبيبة هناك. إذ كانت تقتصر ممارسة الطب في ذلك الزمان على البيمارستانات القديمة وزيارة الطبيب للمريض في منزله.
ذكر موقع الجامعة أنّها ذهبت إلى القاهرة بعد وقت من عملها في دمشق. وسجّلت إدارة التمريض المصريّة وثائق عن وجودها هناك كممرضة عام 1919. كما سجّل كتاب صادر عن كليتها عنوانها هناك عام 1926، لكن آثارها اختفت بعد ذلك.²
توفيت سبات إسلامبولي عام 1941 في القاهرة ويعيش البعض من سلالتها في كندا حاليّاً. على الرغم من عدم وجود الكثير من المعلومات عنها إلّا أنّها أصبحت ملهمة للكثيرين بعد انتشار صورتها مع طبيبتين أخرتين.
كما انصدم العالم بأكمله من تاريخ الصورة إذ لم يكن معروفاً وجود طبيبات في ذلك الزمان. قدّمت سبات مثالاً يُحتذى به بحبها للعلم، واجتهادها لتحصيله، وتخطي العديد من التحديّات لتحقيق حلمها.
ما يزال هناك حتى يومنا هذا الكثير من المهتمين بسبات اسلامبولي والذين يجمعون معلومات عنها. وذلك بهدف معرفة نشأتها وطريقها للولايات المتحدة الأمريكية وممارساتها الطبيّة، عسى أن نجد الإجابات للأسئلة الكثيرة المتعلّقة بهذه الطبيبة.
لنا الفخر لوجود امرأة كهذه في تاريخنا، أثبتت أنّ النساء قادرات على تحصيل الشهادات وممارسة مختلف المهن. ونؤمن بشدّة أنّه كان لسبات إسلامبولي أثر كبير في إلهام غيرها من النساء للدراسة. بل وكان لها دور في كسر الصور النمطيّة القديمة عن النساء، وسيستمر إنجازها ملهماً ومذهلاً للكثير من الأجيال القادمة.
اقرأ أيضاً:
المصادر