"آمِن باللّه، ثمَّ بنفسك. لا ترسم لأحلامك حدوداً، وابقِ عينيك على الهدف وقلبك على الشّغف، فتصل بإذن الله."
بطلتنا لشهر ابريل هي كريستينا المعرّي من مدينة صيدنايا في سوريا. أمّ لطفلين ومدرّبة مهارات حياتيّة للمراهقين، واستشاريّة أسريّة وتربويّة معتمدة. حاصلة على دبلوم بالبرمجة اللغويّة العصبيّة.
تقول كريستينا: مُنذ كنتُ صغيرة وعالم الكتب الّتي تتحدّث عن التّنمية البشريّة يستهويني. لقد كانت دراستي الجامعيّة باختصاص التّرجمة في كليّة الآداب بعيدة عن الشيء الّذي يُشبهني. لكن رغم ذلك نجحت وعملت في مجال البنوك، وهنا تطوّرت خبراتي بعالم التّنمية وأصبحتُ ألتقي بأنماط مختلفة من العقول والشخصيات، وكلّ شخصيّة علّمتني أكثر وأوصلتني لتحليلات تُؤكّد قناعتي بوحدة الروح والعقل والجسد.
أمّا نقطة التّحوّل الأكبر في حياتي كانت الأمومة، حينها لم أكُن أعلم بأنّ أمومتي لألفريد وجاد سوف توصلني للمكان الّذي سأجد فيه نفسي، المكان الّذي تحوّلت فيه هذه الموهبة لعلم ودراسات وتدريب. أمومتي كانت نقطة تحوّل في حياتي تجاه كلّ طفل في هذا العالم وأوّلهم طفلي الدّاخلي.
هُنا بدأت رحلة الوعي والتّشافي ومعرفة الذّات للوصول لذاتي الحقيقيّة. بدأتُ بالتخلّص والتحرّر من صدمات الماضي الّتي تركّزت بشكل كبير في مرحلة المُراهقة. بعد أن تشافيتُ انصبَّ تفكيري على كيفيّة مساعدة كلّ مُراهق، لتمرّ هذه الرحلة من حياته بسلام ومرونة وبأقلّ قدر من التحدّيات.
في بداية جائحة كورونا والتزامنا البقاء في المنازل بشكل كامل، بدأتُ بالبحث عن مستقبل جديد لي. وحينها تعرّفت على معلّمتي القديرة آية خانجي، وبعد حديث معها أدركتُ أنّ ما أبحث عنه موجود في الأكاديميّة الدوليّة لإعداد المدرّبين في لندن، ولكن أحتاج الكثير من الوقت والجهد والتدريب لأصبح مدرّبة مهارات حياتيّة معتمدة من الأكاديمية. فكّرت كثيراً وكان زوجي الداعم الأكبر لي لإيمانه بقدرتي على النجاح في هذا المجال، فهو يعلم تماماً كم أحبّ مساعدة الآخرين.
بدأتُ الرحلة الجديدة ولم يكن الطريق سهلاً، فقد حملت على عاتقي مسؤوليات كبيرة بدءاً من الاهتمام بأولادي الّذين هم أولويّتي في الحياة ومسؤوليات المنزل، وكان التحدّي الأكبر هو الخروج من منطقة الراحة خاصّتي، لكن كلّما شعرتُ برغبةٍ بالتّراجع ذكّرت نفسي بالدافع وراء دراستي والهدف الّذي أريد الوصول إليه. أكملتُ الطريق، وقرّرت أيضاً أن أدرس اختصاص الاستشاري الأسري التّربوي المُعتمَد وذلك لأنّي شعرتُ بأهميّة العمل مع الأهل لتصبح مهمة مساعدة الأهل على بناء علاقات صحيّة مع أولادهم جزءاً من رسالتي.
بعد سنتين من التدريب والدراسة والتعب أصبحت رسمياً: مدرّبة مهارات حياتيّة للأطفال والمراهقين معتمَدة من الأكاديمية الدولية لإعداد المدربين في لندن. حصلتُ على شهادة دبلوم البرمجة اللّغوية العصبيّة. استشاريّة أسريّة وتربويّة مُعتمدة من أكاديمية North Texas Leadership Development Academy ومعتمدة من معهد Wideview وهيئة المعرفة في حكومة دبي. ثمّ أسّستُ أكاديميّة صنّاع المستقبل للتدريب إيماناً مني بأنّ الأطفال والمراهقين هُم صنّاع الغدّ، وهم البذور التي إذا تم وضعها في تربة خصبة تعطي أفضل المحاصيل.
أمّا اليوم وبعد أن بدأتُ بمجال العمل والتطبيق العمليّ، لا يمكنني وصف سعادتي في كل مرّة أكون فيها الإنسان الذي يساعد أيّ شاب أو فتاة في عمر المراهقة ليجدوا أنفسهم، وليعرفوا كنوزهم الداخلية. كما أنّ سعادتي الأكبر تكون عندما أقدّم المساعدة لعائلة أو لمربّي كان بحاجة لها ليعيد بناء علاقته الوالديّة مع أطفاله وفي أحيانٍ كثيرةٍ مع نفسه. أنا أؤمن أنّ حلّ كلّ شيء يبدأ من الداخل والتغيير يبدأ من عمقنا.
هدفي القادم هو التّطوّر وزيادة المعرفة بعالم التّنمية لأنّ المعرفة هي القوّة. بالإضافة إلى الوصول لكلّ مراهق بحاجة إلى من يفهمه ويسمعه ويستطيع تقديم المساعدة دون إطلاق أيّ أحكام.
ورسالتي اليوم لكلّ من يقرأ هذا المقال: "استمرّ وتقدّم بالحياة فالشغف لا ينتهي عند عمرٍ أو ظرفٍ معيّن. سخّر ظروفك لخدمة أحلامك واسعَ دوماً لأن تكون أفضل نسخةً من نفسك. لا تقارن نفسك بأحد، فكلّ منّا خليقة فريدة خرجت من يد اللّه. ابحث في داخلك لتجد كنوزك الداخليّة ومنها انطلق وحقّق أهدافاً تُناسب حياتك."
مبادرة Uplifting Syrian Women تحتفي بنجاح كريستينا المعري، وتتمنى لها مزيداً من القوة والقدرة على العطاء. وتتمنى أن تكون هذه القصة درساً في الإرادة والتصميم والسعي المستمرّ نحو الهدف.