جيهان الموصلي أو كما ذكرتها الصحفية ابتسام بوسعد بالبرلمانية المتمردة [1]، التي تحدّت العادات والتقاليد كامرأةٍ سورية، فمارست العمل التربوي والسياسي، والاجتماعي وامتهنت المحاماة بدرجةٍ عاليةٍ من الكفاءة والإحساس بالمسؤولية. تعتبر جيهان الموصلي إحدى أوائل السيدات اللواتي دخلنّ البرلمان السوري من أجل تعديل قوانين الأحوال الشخصية والمطالبة بحقوق المرأة. كانت سيرة حياة جيهان مليئة بالنضال والكفاح بهدف تحسين واقع التعليم وحقوق المرأة والطفل وخصوصاً حقوق المرأة العاملة.
إن وجود جيهان في تاريخ سوريا هو ما يدفعنا نحو الأمل لتحقيق وصولٍ جذريٍّ للمرأة إلى العالم السياسي، وهو ما يجعلنا مؤمنين أن دور المرأة يبقى فعالاً مهما كانت مشاركتها بسيطة.
ولدت جيهان الموصلي عام 1908 في بيتٍ دمشقيٍّ في حي الميدان. كانت جيهان المولودة السادسة في البيت بعد أختٍ كبرى وأربعة من الذكور. توفيت والدتها بعد ثلاث سنوات من ولادة جيهان.تلقت رعايةً واهتماماً كبيرين لقدرتها العالية على حفظ القرآن بالرغم من صغر سنها.
فيما بعد تم إرسالها إلى مدرسةٍ ابتدائيةٍ محليةٍ للبنات. نالت جيهان شهادة البكالوريا في كلية تدريب المعلمين، ثم انتقلت في دراستها إلى كلية المعلمين العليا ونالت شهادة دار المعلمات العالي. أصبحت فيما بعد مدرّسة، ثم مديرةً في المرحلة الإعدادية والثانوية لمدرسة البنات. [2]
من الواضح أن عملها كمديرةٍ لمدرسة هو ما جعلها تنتهز فرصة لتحقيق رسالتها التربوية والوطنية، ولتثبيت أفكار تحرر المرأة بلغةِِ ترسخ في أذهان طالباتها.
شاركت جيهان موصلي في مظاهرةً نسائية عام 1928 لدعم الكتلة الوطنية المطالبة بحقوق المرأة في الترشح للانتخابات. ترأست جمعية الندوة الثقافية عام 1941. [3]
في عام 1944 أصبحت سكرتيرةً لرابطة الجمعيات النسائية. بعد ثلاث سنوات حصلت على إجازة في القانون.
وفي عام 1960 تم تعيين جيهان بجانب وداد هارون في الجمعية الوطنية للجمهورية العربية المتحدة.
إلا أن أول وصول للمرأة لأحد البرلمانات في سورية كان في حقبة الوحدة السورية المصرية (1958 إلى 1961 ) حيث ضم برلمان الوحدة المعروف باسم ( مجلس الأمة ) والمكون بمجموعه من 600 عضواً، 200 منهم من الإقليم الشمالي (سورية) و 400 عضواً من الإقليم الجنوبي (مصر). ولأول مرة في تاريخ سورية تدخل المرأة في عضوية المجالس التشريعية، إذ كان في عداد ممثلي القطر السوري سيدتان هما جيهان الموصلي ووداد هارون. [4]
كتبت جيهان العديد من الكتب في المحاماة والقانون من أهمها: (الإفلاس في القانون)، (الحقوق الدولية العامة)، (الصلح الواقي من الإفلاس). [5]
يتوضح مشاركة جهان موصلي في العديد من القضايا، أبرزها عضويتها في اللجنة التحضيرية لوضع الدستور، حيث نجد أنه في الجلسة الثانية عشرة يوم الثلاثاء في 7 شباط 1961 تم انتخاب اللجنة التحضيرية لوضع مشروع الدستور من 90 عضو، وجاء اسم جهان موصلي في لائحة المرشحين لعضوية اللجنة التحضيرية لوضع مشروع الدستور (53 عضو من سورية). بالاطلاع على مدخلاتها يبدو جلياً متابعتها لقضايا الأسرة والطفل، ومطالبتها بحقوق المرأة العاملة في الإقليم الشمالي. [6]
في الجلسة الثالثة عشرة في 8 شباط 1961، حيث كان مجلس الأمة اجتمع برئاسة أنور السادات، وقد تولى أمانة السر محمد حامد محمود ومحمد طه حداد، تقدمت جهان الموصلي بسؤال موجه الى السيد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل المركزي حسين محمود الشافعي، وهذا نصه: "ماهي المراحل التي قطعتها الوزارة للعمل على تنفيذ الفقرة (أ) من المادة السادسة من قرارات المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية (باب النشاط النسائي) والمتعلقة بالتوسع في إنشاء دور الحضانة في الأحياء التي تكثر فيها الأمهات العاملات بالنسبة للجمعيات النسائية وبالنسبة للمصانع؟". [6]
وكذلك كانت مداخلات جهان موصلي تصب في مجال التربية، فقد تقدمت في الجلسة السابعة في 26 نيسان 1961 باقتراح "برغبة باتخاذ التدابير اللازمة لعدم تأخير طبع الكتب الدراسية ومراعاة عدم تعديلها قبل مضي ثلاث سنوات"، وأُحيلت الى لجنة شؤون التربية والتعليم. [6]
بالإضافة إلى ذلك كانت قضايا حقوق المعلمات أيضاً في صميم مداخلات جهان موصلي، فقد تقدمت في الجلسة الرابعة عشرة 15/5/1961 بسؤالٍ إلى وزير التربية والتعليم المركزي عن إتاحة الفرصة للمعلمات وموظفات المدارس للعمل نصف الوقت بنصف الراتب، بحضور نائب وزير التربية والتعليم المركزي محمد علي حافظ. [6]
من خلال استعراض وتوثيق مداخلات جهان موصلي يمكننا أن نستخلص بأنها كانت تتقدم بطروحاتٍ تطالب بتوحيد القوانين بين الإقليمين. بالإضافة إلى أسئلةٍ تدور محاورها حول شؤون التربية وحقوق المرأة والطفل، وحقوق المعلمين والمعلمات، لاسيما حقوق المرأة العاملة في الإقليم الشمالي.
لطالما امتلكت المرأة السورية القدرة على إحداث التغيير في العديد من المجالات، حتى في السياسة والدستور. حيث أن دور جيهان الموصلي كان له الأثر الكبير على التعليم والتربية والارتقاء بحقوق المرأة. نحن في USW نسعى دائماً للإضاءة على القدوة النسائية في التاريخ السوري، ودور المرأة في النهوض بالمجتمع.
اقرأ أيضاً: عادلة بيهم الجزائري.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
المصادر
[1] E Syria
[2] Wikipedia
[4] Hewar
[5] Etmam Ala3lam
[6] Parliament