Uplifting Syrian Women

Wahida Al-Azma

امرأة من التارخ: وحيدة العظمة

كما الكثير من النساء السوريات المؤثرات، كانت وحيدة العظمة جزءاً من تاريخنا السوري. حيث نقل لنا التاريخ أخباراً عدّة عن شخصيات أثرت بشكلٍ قويّ على حياة البشر في العالم. لا يزال الناس ينتفعون من اختراعات هؤلاء الشخصيات وأعمالهم ومبادئهم حتى يومنا هذا. عانت هذه الشخصيات الكثير من الفشل والإحباط. لكنّ ذلك لم يثبط عزيمتهم وإصرارهم على المواصلة لتحقيق أسمى الأهداف.

حيث كان هدفها النجاح بقوة وترك بصمةٍ في حياة العديد وذكرٍ يخلّده التاريخ. كانت وحيدة العظمة من هذه الشخصيات. امرأة سورية عملت جاهدة على إيصال العلم إلى أعلى مراتبه. سنتحدث في هذا المقال عن هذه الشخصية الخالدة التي تركت بصمة إصرار ونجاح لتكون ممن يذكرهم التاريخ ليومنا هذا.

"قليل من العلم مع العمل به، أنفع من كثير من العلم مع قلة العمل به." 
- أفلاطون. [1]

من هي وحيدة العظمة؟ 

هي امرأة سورية من مواليد مدينة دمشق تنتمي لأسرة دمشقيّة عريقة. ساعدها فكر والدها على تجاوز الكثير من العقبات إذ اختار لأبنائه وبناته مدرسة مختلطة. أتمّت وحيدة العظمة دراستها على مقاعدها في كافّة المراحل التعليمية، وتخرّجت منها حاملةً للشهادة الثانوية السورية والفرنسية. [2]

الدراسة الجامعية والمسيرة العلمية الحافلة لوحيدة العظمة

كانت تطمح "وحيدة العظمة" لأن تكون كاتبة أو عالمة نظراً لحبها للأدب وتفوقها في مجال العلوم. لكن طموحاتها لم يكن مقدراً لها أن تتحقق. فالجامعة اقتصرت على فرعيّ الطب والحقوق في ذلك الوقت. إضافةً إلى خيار الالتحاق بمدرسة المعلمات والعمل في مجال التربية والتعليم.

لكن وحيدة اختارت دخول مدرسة الطب، إذ سبقتها إليها العديد من بنات جيلها. كان من المُعتَقَد بأنّها كانت الأولى في ممارسة مهنة الطب ميدانياً. كما أنّ عدد الطلاب في الجامعة كان محدوداً لا يتجاوز السبعين طالباً، وكانت هي الطالبة السورية الوحيدة.

استغرقت دراسة وحيدة العظمة للطب سبع سنوات في مرحلتيه الأولى النظرية، والثانية السريرية. كانت قاعات التدريس موجودة في التكية السليمانية، بالقرب من بناء تمّ تخصيص بعض أقسامه لاستضافة الجثث الضرورية لدراسة علم التشريح. كانت وحيدة العظمة تمقت منظر الهياكل العظمية برائحة الفورمول المعروضة للبيع في ساحة المشرحة. إلا أن حصص الدروس السريرية كانت أكثر إثارة من النظرية بالنسبة لها، لما فيها من معرفة وخبرة.

تخرّجت وحيدة العظمة كطبيبة من كلية الطب في دمشق عام 1949. وقبل تخرجها بسنة كانت تعالج الجرحى في مستشفى المزّة العسكريّ خلال الحرب ضدّ العدو الإسرائيليّ عام 1948. [2]

وحيدة العظمة - حياة عملية مليئة بالإنجازات

عندما أعلنت قيادة الجيش عن مسابقة لقبول أطباء عسكريين، تقدمت العظمة للمسابقة. حيث تم تعيينها بوظيفة طبيبة برتبة ملازم أول في الجيش العربي السوري عام 1950. وأصبحت بذلك أول طبيبة برتبة ملازم أول في الجيش.

لاحقاً، تم إيفادها إلى فرنسا من قبل قيادة الجيش للتخصص في مجال طب الأطفال. حصلت على شهادة اختصاص في طب الأطفال من جامعة باريس. بعد ذلك، حصلت على شهادة اختصاص في طب الأطفال الاجتماعي من المركز الدولي للطفولة في باريس. بعد ذلك عادت لسوريا لتعمل في مستوصفات وزارة الدفاع كرئيسة أطباء وطبيبة أطفال.

أسهمت وحيدة العظمة في تأسيس جمعية أطباء الأطفال السورية. كما كانت عضوة في هيئة تحرير المجلة الطبية السورية الصادرة عن نقابة الأطباء السوريين لمدة ربع قرن. بالإضافة إلى ذلك شاركت في تحرير مجلة الطبيب الصادرة في باريس باللغة العربية لمدة خمس سنوات. كما أنها ساهمت بتأسيس جمعية تنظيم الأسرة عام 1974 وكانت عضو متطوع فيها لمدة 25 سنة. وتم انتخابها عضواً في اللجنة التنفيذية لإقليم العالم العربي في الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة. [3]

وحيدة العظمة واسعة الثقافة وكاتبة للعديد من المؤلفات

قامت العظمة بترجمة بعض الكتب التثقيفية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. كما قامت بنشر عدد كبير من الأبحاث حول موضوعات صحية تهم الأسرة. بالإضافة إلى ترجمة مواضيع ذات صلة غير مباشرة بتنظيم الأسرة، منها الانفجار السكاني في العالم، والتربية السكانية.

كما وألفت كتب عدّة حول الأمومة والطفولة وصحة الأسرة بتكليف من مديرية محو الأمية في وزارة الثقافة. استهدف المشروع شريحة اجتماعية تحتاج إلى التوعية حول هذه المواضيع بشكل ملحّ. إذ حاولت وحيدة العظمة من خلال هذه المؤلفات إعطاء المعلومة الطبية الصحيحة بأسلوب بسيط وشيّق. [2]

العائلة عند وحيدة العظمة 

هي ابنة لأسرة تتحدر من أسرتين تعتبران من أعرق الأسر الدمشقية. فوالدها ضابط من أسرة "العظمة" المحافظة التي تولى عدد كبير من أفرادها مناصب كبيرة في الدولة العثمانية. أمها تنحدر من أسرة "المهايني" الذين عرفوا بالميل إلى الانفتاح وحب الثقافة والعلم.

عاشت وحيدة العظمة حياة مليئة بالأحداث والقصص والإنجازات. ففي البداية لا بدّ من ذكر أنّ تباين العائلتين اللتين خرجت منهما الدكتورة "وحيدة" كان دافعاً قوياً وراء تميزها. إذ كانت عائلة "العظمة" معروفة بصرامتها ومحافظتها وميلها الشديد إلى التفوق والعلم. هذا ما أثّر على الطفلة "وحيدة" التي تمتعت منذ نعومة أظافرها بقوة الشخصية والتفوق، فكانت أول طبيبة تعمل في "الجيش العربي السوري".

وفاة والدة وحيدة العظمة وهي لا تزال يافعة رتّب عليها عبء العناية بأخواتها السبعة لكونها الابنة الأكبر سناً. كانت الهموم كثيرة والعبء ثقيل إلا أن ثقتها بنفسها وسعيها وراء هدفها أعطياها قوة للتغلب على المحن. تعايشت مع الحياة الرتيبة داخل المنزل واستطاعت التغلّب على كلّ السلبيات الموجودة.

تزوجت الطبيبة "وحيدة" في عام 1953 من أحد زملائها الأطباء. سافرت معه إلى المملكة العربية السعودية وبقيت هناك لمدة عام ونصف تعمل كطبيبة. رافقت زوجها لحين مرضه المفاجئ ووفاته عام 1956. ثم عادت إلى دمشق وهي تحمل في أحشائها طفل، وهو ابنها الوحيد والذي أصبح طبيباً أيضاً. توفيت وحيدة العظمة في مدينة دمشق عام 2020. [2]

من يراجع السيرة الطويلة للدكتورة وحيدة العظمة يعرف مدى إصرارها وتفانيها في عملها ووفائها لكل ما كانت تؤمن به حتى آخر لحظات حياتها. إن النجاح لا يتحقق بوجود الرغبة والطموح فقط بل يتطلب إرادة قوية وأفعال مؤثرة. فالعالم مليء بالعديد من الشخصيات المؤثرة التي تركت بصمات واضحة على صعيد المستويات كافة.

نحن في مبادرة Uplifting Syrian Women نسعى للتذكير بالشخصيات السورية المؤثرة من النساء ليكن قدوة لكل من تجرؤ على الحلم وتسوغ لها نفسها الإصرار على النجاح وتحقيق الهدف.

♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.

اقرأ أيضاً:

المصادر

[1] Mawdoo3

[2] E Syria

[3] Alalam