جرائم ضحاياها أطفال
جرائم ضحاياها أطفال
كيف كانت طفولتك؟
قد يتبادر إلى أذهاننا بعد هذا السؤال، مرور شريط من الذكريات الوردية والأيام الجميلة التي كنا ما نزال نجهل فيها الكثير عن الحياة ومصاعبها، ولكن ماذا عن الوجه الآخر لهذا السؤال؟
ماذا عن الّذين كانت ذكريات طفولتهم مليئة بالعنف؟ الّذين عاشوا مصاعب الحياة وتعرضوا لمختلف أشكال الاستغلال منذ نعومة أظفارهم؟ قد تختلف التسميات والمظاهر ولكن مفهوم العنف ضد الأطفال واحد.
تعريف العنف ضد الأطفال
هو أحد الممارسات التي تصنف كشكلٍ من أشكال انتهاك حقوق الإنسان وتتنوع لتشمل مختلف مظاهر العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال وسوء المعاملة والاستغلال بما فيها الإساءة الجنسية. بحيث تكون موجهةً ضد الفئات دون سن الثامنة عشر.
وعندما نتساءل عن مرتكبي هذه الأشكال من العنف سنجد تنوع الأشخاص المتورطين بها لتشمل أقرب الأطراف من الطفل وهم الأهل والعائلة بالإضافة لأطرافٍ أخرى كمقدمي الرعاية والأقران وكذلك بعض المؤسسات. [1]
أشكال العنف ضد الأطفال
1. سوء المعاملة والعقاب العنيف: قد تمثل صورة تعنيف الطفل مظهراً طبيعياً بالنسبة لبعض العائلات الّتي يعتبر فيها الوالدان العنف ضد الأطفال شكلاً من أشكال القسوة التي لا بد منها للحصول على نتائج تربويةٍ أفضل. ويعود سبب اتباع هذا الأسلوب التربوي إما إلى التداول الثقافي نظراً لتعرض أحد الوالدين أو كلاهما له في مرحلة طفولتهم أو لأسبابٍ تتعلق بعدم استقرار الوضع النفسي للوالدين. كالتعرض للضغوط الاقتصادية وتعاطي المخدرات أو الكحول أو لأسبابٍ أخرى كنقص المستوى التعليمي للوالدين.
ويندرج تحت هذا التصنيف مختلف أشكال العنف البدني، الجنسي والنفسي بالإضافة للإهمال. ولا يقتصر اتباع هذا الأسلوب على الوالدين بل يتسع ليشمل مقدمي الرعاية والأشخاص ذوي السلطة كما في المدارس ودور الأيتام.
2. العنف الجنسي: والذي يتضمن المعاشرة الجنسية الكاملة أو محاولة المعاشرة الجنسية غير الرضائية وأيضاً الأفعال ذات الطابع الجنسي كالتحرش والتلصص. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ووصولها لأيدي الأطفال أصبح للمتحرشين الجنسيين منفذٌ جديد لتحقيق هذه الأهداف. حيث نلاحظ انتشار ظاهرة الاستغلال الإلكتروني في الآونة الأخيرة. ومن أشكال العنف الجنسي أيضاً ظاهرة الاتجار الجنسي بالأطفال واستغلالهم واستخدامهم في أعمال البغاء دون أن يكون للطفل حقٌّ في الرفض أو القبول.
3. العنف الوجداني أو النفسي: يتضمن أشكالاً غير جسديةٍ لا تقل أهمية عن الأشكال الأخرى كتقييد تحركات الطفل وتوبيخه والسخرية منه وكذلك التهديد والترهيب والتمييز.
4. عنف الشريك الحميم: ويشمل العنف الجسدي والجنسي والعاطفي من قبل شريك حميم. وغالباً ما يكون ضحايا هذا الشكل هم الفتيات القاصرات في نطاق زيجات الأطفال والزيجات القسرية المبكرة. وكذلك في أوساط المراهقين المرتبطين عاطفياً لكن دون زواجٍ و يدعى أحياناً عنف المواعدة.
5. التسلط أو التنمر: عادة ما يحدث من جانب طفلٍ آخر أو مجموعة أطفال ويحدث غالباً في المدارس أو الأماكن التي يتجمع بها الأطفال بالإضافة لمواقع التواصل الاجتماعي. [1]
أسباب العنف ضد الأطفال
مع تنوع الأطراف المتسببة بالعنف تتنوع أيضاً الأسباب لتشمل الأسباب داخل الأسرة كنقص الدخل وانعدام العلاقات العاطفية بين الأطفال والوالدين وسوء الممارسات التربوية والزواج المبكر أو القسري.
أما بالنسبة للمجتمعات التي ينتشر فيها العنف فقد لوحظ وجود خصائص مشتركةٍ بينها مثل الفقر، ارتفاع الكثافة السكانية، سهولة إتاحة الكحول والأسلحة النارية، وجود تركزات عالية للعصابات والأوضاع اللاحقة للنزاعات أو الكوارث الطبيعية. [1]
تأثير العنف ضد الأطفال
تعتبر مرحلة الطفولة المرحلة الأهم لتكوين الإنسان من الناحية البدنية والنفسية وإن نشوء الطفل ضمن هذه الظروف غير الطبيعية والبيئة غير الآمنة سيخلف تأثيراتٍ وخيمةً عليه ومنها:
- ضعف النمو العقلي ونمو الجهاز العصبي وما يترتب عليه من تأثيراتٍ سلبيةٍ على نمو الطفل الإدراكي وضعف مستوى التحصيل الدراسي والإنجاز المهني. فضلاً عن تأثيراته السلبية على الغدد الصماء، الدورة الدموية، النسيج العضلي الهيكلي والأجهزة التنفسية والتناسلية والمناعية.
- التكيف السلبي والسلوكيات ذات المخاطر الصحية إذ غالباً ما يتجه الأطفال المعنَّفون للتدخين والكحول والمخدرات وسلوكٍ جنسيٍّ شديد الخطورة.
- تأثيراتٌ سلبيةٌ على الصحة النفسية حيث يتعرض هؤلاء الأطفال لصدمات طفولة كما ترتفع لديهم معدلات القلق والاكتئاب والانتحار والكثير من المشاكل النفسية الأخرى.
- حالات الحمل غير المقصودة والإجهاضات المفتعلة ومشاكل تتعلق بأمراض النساء بالإضافة للأمراض المنقولة بالجنس كفيروس HIV.
- إصاباتٌ وخيمةٌ تحدث غالباً لدى الذكور عند تعرضهم لمشاحنات واعتداءات جسدية.
- الوفاة نتيجة القتل عن طريق الخطأ.
- الأطفال الّذين تعرضوا للعنف قد يتوجهون لارتكاب عنفٍ شخصيٍّ موجه للذات لاحقاً أو للآخرين مما يخلق حلقةً مفرغةً من العنف ستؤثر حتماً على الأجيال القادمة. [1]
إحصائياتٌ حول العنف ضد الأطفال
- حسب منظمة الصحة العالمية فإن حوالي مليار طفلٍ في العالم قد تعرض لأحد أشكال العنف العاطفي أو الجسدي أو الجنسي.
- أما الدراسة التي أجرتها the global partnership to end violence against children 2016 قد بينت أنه في كل 5 دقائق يموت طفلٌ في العالم نتيجة العنف.
- كما أن اليونسيف وضحت أن 1 من أصل 10 فتيات تحت سن ال20 قد تعرضن لسلوك جنسي قسري. وكذلك بينت الدراسة أن طفل من أصل 10 أطفال في العالم يعيش في بلدان متأثرة بالصراعات. [3]
بعض الحلول المقترحة
اقترحت العديد من المنظمات حلولاً واستراتيجياتٍ لمعالجة هذه المشكلة وكان منها:
- تعزيز الدعم الاقتصادي للأسر.
- تغيير المعايير الاجتماعية لدعم الآباء والأمهات والأبوة والأمومة الإيجابية.
- توفير التعليم والرعاية الجيدين منذ المراحل المبكرة.
- تعزيز مهارات الأبوة والأمومة لتعزيز نمو الطفل الصحي عبر الزيارات المنزلية في مرحلة الطفولة المبكرة.
- التدخل لتقليل الأضرار ومنع المخاطر المستقبلية عبر تقديم الرعاية الأولية المعززة وبرامج تدريب الوالدين السلوكية وتوفير العلاج لتقليل أضرار التعرض للإساءة والإهمال.
- إنشاء مبادراتٍ عالميةٍ جديدةٍ للتصدي للعنف والتنمر. [2]
- الحملات الإعلامية الهادفة لزيادة الوعي بالأثر السلبي للعنف على نمو الطفل وأثر الممارسات الإيجابية في منع حدوثه.
- تم اعتماد معايير دوليةٍ جديدةٍ لحماية الأطفال من العنف وسنّت بعض الدول تشريعاتٍ لحظر العنف البدني والعقلي والجنسي لحماية حقوق الضحايا من الأطفال. [4]
وفي النهاية نتوجه برسالةٍ لكل شخص قد تعرضت طفولته للتشويه بإحدى هذه الانتهاكات. عليك أن تعلم بأن صدمات طفولتك تحتاج لرحلة تشافٍ طويلةٍ ودعمٍ نفسي من المحيطين بك ومن المعالجين النفسيين بالإضافة للكثير من الصبر. فإن إنهاء حلقة المعاناة والعنف تستوجب منك أن تكون أكثر وعياً بها وألا تنكر وجودها. اطلب المساعدة متى احتجت إليها وتذكر دوماً أنك لست وحيداً.
اقرأ أيضاً: ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة في سوريا.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
المصادر
[1] WHO
[2] CDC
[3] SOS
[4] UN
جرائم ضحاياها أطفال قراءة المزيد »