Uplifting Syrian Women

بناء السلام

Culture of non-violence

Culture of Non-violence

Culture of non-violence

ثقافة اللاعنف

تعدّ ثقافة اللاعنف مصدراً للأمل، ليس لمجرد محاربتها للعدوان الجسدي؛ بل لكونها فلسفةً تعزّز الرحمة والتعاطف وحلّ النزاعات سلميّاً. كما أنّها تخلق أفراداً يقدّرون أهميّة التفاهم والتعاون والسلام.

"بما أنّ الحروب تبدأ في عقول البشر، ففي عقولهم يجب بناء حصون السلام".¹

ما هي ثقافة اللاعنف؟

يرى "غاندي" أن ثقافة اللاعنف هي أعظم قوة في يد الإنسان، وأقوى من أسلحة الدمار التي اخترعها العقل البشري. فهي أسلوب رافض لاستخدام العنف من أجل تحقيق التغير الاجتماعي أو السياسي.

كما تمكِّن الناس من خوض طريقِ كفاحهم للحرية دون اللجوء للعنف. لا يعدّ تبني ثقافة اللاعنف وسيلةً لتجنّب الصراعات فحسب، بل أيضاً لتحقيق الفعالية في العمل وخاصّة في المجال السياسي.² يمكن اعتبارها ثقافةً تميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات لأنّها تحتاج عقلانية، وترفض اللجوء للعنف في حلّ المشكلات.

باعتبارنا نعيش في عصرٍ غير مستقر، تنتشر فيه أسلحة الدمار الشامل والقوى النووية، فقد أصبحت البشرية معرَّضةً للفناء. لذا تمثّل ثقافة اللاعنف مفتاحاً لحلّ المشكلات والصراعات بصورة سلمية. كما أنّها طريقة للتعايش والتفاهم مع الآخرين.

يصادف الثاني من أكتوبر كلّ عام اليوم الدولي للاعنف، والموافق لذكرى ولادة "مهاتما غاندي" أو مؤسس ثقافة اللاعنف.²

مزايا ثقافة اللاعنف

  • هي أسلوب يُستخدم لحلّ النزاعات، يرفض استخدام القوة الجسديّة أو العدوان، وبالتالي يقلّل من الحروب والصراعات.
  • تعزّز العدالة الاجتماعية والمساواة، والتفاهم والتعاون بين الأفراد والمجتمعات.
  • تهدف إلى معالجة الظلم، وترسيخ القبول الاجتماعي، وبناء سلام مستدام بوسائل سلمية.
  • تتميّز بأنّها تلجأ إلى تحكيم العقل الذي يميّز الإنسان عن غيره، فهي تختصر على الإنسان الخسائر البشرية والمادية والطبيعية.
  • لا تسبّب أضرار، على خلاف العنف الذي تمتدّ آثار أضراره لتؤذي الكثير من الأبرياء.
  • وصِفَت بسياسة الناس العاديين، وتبنتها حركات وجمعيات في جميع أرجاء العالم بوصفها أسلوبٍ في الحملات التي تهدف لتحقيق العدل الاجتماعي.²

ضرورة تبني ثقافة اللاعنف

تبني ثقافة اللاعنف ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها للحفاظ على البشرية وعلى كوكبنا وعلى كلّ إنسان حيّ.

تكمن ضرورتها بكونها تحمي من الأضرار الجسيمة التي يخلّفها العنف على الضحايا. فآثار العنف كثيرة. مثلاً: زيادة حالات الانتحار، والضرر النفسي المرافق للناجين؛ مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات ما بعد الصدمة. كما أنّهم معرضون للإصابة بالكثير من الأمراض الجسدية المزمنة مثل السمنة وأمراض القلب والسكري وغيرها.

كيف يُعالج العنف؟

  1. سنّ القوانين والعقوبات ضدّ كلّ أنواع العنف. وتأمين فرص عمل للنساء ضمن بيئة ملائمة وآمنة، سوف يقلّل من العنف الاقتصادي الذي يتعرضون له، ويجعلهم مستقلّين مادياً.
  2. حماية الأطفال من العنف المنزلي الذي يتعرضون له، وضرورة تشجيعهم على طلب المساعدة في حال تعرضهم لأيّ شكلٍ من أشكاله، ذلك سيخفف بوضوح من العنف المُطبَّق على الأطفال.
  3. نشر ثقافة اللجوء للأخصائيين النفسيين، لاسيما للمراهقين الذين يبدون تصرفات عنيفة، أو يتنمرون على زملائهم.
  4. دعم ضحايا العنف والناجين منه، وتأمين العلاجات المناسبة لهم.³

ما هي وسائل اللاعنف؟

هناك العديد من الوسائل التي تساعد على ترسيخ ثقافة اللاعنف، مثلاً: اعتماد ثقافة الحوار والتفاهم مع الأطراف المختلفة. وتعدّ التظاهرات السلميّة مثل المقاطعة، والمهرجانات، والعصيان المدني، والإضراب وسائل خالية من العنف أيضاً.

ويمكن اعتماد الكثير غيرها من أنواع اللاعنف سواء في المنحى الثقافي والفني، أو السياسي والاقتصادي، بحيث يكون لها أثر عميق على المجتمع.⁴

بإمكاننا كأفراد إدخال ثقافة اللاعنف إلى حياتنا اليومية وجعلها وسيلة لحلّ خلافاتنا ومشاكلنا. مثل ضبط أنفسنا أثناء التعرّض للإساءة، أو أن نتجاهل من يقوم باستفزازنا ونبتعد عن المشاجرات بشتى الوسائل. أيضاً يمكننا اعتماد لغة الحوار مع الآخرين لحلّ المشكلات التي تواجهنا.

في النهاية، تتعلّق ثقافة اللاعنف بالاعتراف بإنسانيتنا المشتركة والعمل معاً لخلق عالمٍ أكثر سلاماً وإنصافاً للجميع.

من خلال اعتماد اللاعنف في حياتنا اليومية وفي مجتمعاتنا، يمكننا المساعدة في بناء مستقبلٍ أفضل لأنفسنا وللأجيال القادمة.

اقرأ أيضاً:

المصادر

  1. UNESCO
  2. UN
  3. Almrsal
  4. Zawaya

Culture of Non-violence قراءة المزيد »

What is Sustainability?

ما هي الاستدامة؟

What is sustainability?

ما هي الاستدامة؟

الاستدامة بمفهومها المبسط تعني الحفاظ على الاستغلال الجيد للموارد البيئية والإنسانية. من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تحقيق أهدافها. مع الانتباه لعدم الإضرار بالمجتمعات مع توفير أفضل النتائج.

تهدف التنمية المستدامة بمحاورها الثلاثة إلى زيادة رفاه الشعوب. كما تهدف إلى زيادة الوعي حول التغييرات التي تصيب كوكبنا من الاستخدام الغير مسؤول للموارد. وتؤكد ضرورة خلق وعي حول الأضرار التي سيواجهها الإنسان في المستقبل إذا لم يتم التعامل مع الاستدامة بمسؤولية.

كل ذلك يصب في تحقيق السلام والاستقرار للإنسان. 

ما هي الاستدامة؟

نشأت كلمة الاستدامة من "الديمومة" أي الحفاظ على الشيء بشكل دائم ومتوازن. حيث يبقى متوفر وموجود ويمكن الحصول عليه بسهولة مع تعاقب الأجيال. فلا يواجهون مشاكل في البحث عنه. وقد خلق هذا المصطلح تحديات كثيرة وحس بالمسؤولية تجاه الأجيال القادمة.

فالحفاظ على الموارد الموجودة في الوقت الحالي ليس مسؤولية حكومات فقط بل مسؤولية فردية يشارك فيها الجميع. وبما أن الحياة على كوكب أخر ليست مضمونة بعد وما تزال موضع دراسات، فمن واجب الجميع المساهمة والتكاتف في إيجاد بدائل وحلول. بحيث تجعل الموارد المتاحة في كوكبنا في الوقت الحالي موجودة لاحقاً.

كما أن نستطيع من خلالها تحقيق أفضل النتائج سواء كانت موارد إنسانية أو بيئية أو اقتصادية. ولا شك أن الجميع يستطيع المشاركة في عملية الاستدامة. وتشكّل الأسرة حجر الأساس في التنمية المستدامة. يتم هذا من خلال خطوات بسيطة يقوم بها كل فرد بالأسرة.

إن المشاركة تجعل الاستهلاك الكبير للموارد أقل وطأة ومدروس بشكل أكبر. بحيث يصبح أكثر من مجرد عمليات يقوم بها الفرد بل يتحول إلى أسلوب ونمط حياة يتبعه الفرد منذ صغره.

متى ظهر مصطلح الاستدامة وما هي محاوره؟

ظهر مصطلح الاستدامة لأول مرة في ثمانينات القرن العشرين. عرفت لجنة بريتون لاند في عام 1987 "الاستدامة" على أنها: "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة".¹ على هذا الأساس رفعت الأمم المتحدة راية الاستدامة.

كما رأت فيها ضرورة حقيقية خاصة للبلدان النامية. فمازال هناك حوالي 140 بلداً تبحث سبل للتنمية. لكن ذلك يترافق مع خطورة الإضرار بالبيئة والتغير المناخي وهذا بدوره يهدد الجيل القادم.

عملت الأمم المتحدة على وضع أهداف التنمية المستدامة ال17. رأت فيها الحل للوصول لاستدامة شاملة في جميع الجوانب. وأصبحت محط أنظار الباحثين والعلماء وعملت بها الكثير من الدول. في البداية كان مصطلح الاستدامة في الأساس مصطلح بيئي ويعني الحفاظ على موارد كوكب الأرض. لكن فيما بعد انقسم لثلاث محاور رئيسية ترتبط ببعضها وهي:

 

المحور الاقتصادي: يعني قدرة الاقتصاد على دعم مستوى محدد من الإنتاج الاقتصادي. بالإضافة إلى التأكد من أن الأنظمة الاقتصادية تدعم النتائج الاجتماعية والبيئية المستدامة. كما تشكل مبدأ وأساس عملية التنمية المستدامة. وهذا نظراً لكونها توفر الوسائل المختلفة من التكنولوجيا الحديثة وغيرها للوصول لأهداف التنمية.²

المحور البيئي: الحفاظ على الموارد البيئية ومواردها. بالإضافة إلى التقليل من التأثير السلبي عليها بحيث نضمن استمراريتها. كما تعتبر أن الغابات والمياه العذبة والحيوانات جزء أساسي من بيئتنا ويجب حمايتهم. لذلك تدعو لتقليل التلوث ودعم التنوع البيولوجي لدوره في التوازن البيئي.³

المحور الاجتماعي: يدعم قدرة المجتمعات على خلق بيئة جيدة وصالحة للحياة والقضاء على الفقر والجوع. حيث يتعلق بإيجاد جو عمل مريح في الشركات. والبحث عن السلبيات والإيجابيات في الشركة بما يساهم في تحسين الإنتاجية العامة.⁴

كيف يمكننا حماية كوكبنا؟

أصبح للاستدامة وبالأخص البيئية أهمية كبيرة. ذلك بسبب ما يواجهه كوكبنا من تحديات مصيرية. على سبيل المثال، تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وفقدان الثروات الموجودة. هذا يتطلب منا التصرف بحكمة أكبر والوعي بهذه التغييرات. وعليه اتخذ الباحثون والمنظمات كمنظمة الأمم المتحدة قرارات لمكافحة ذلك.

حيث أقاموا المؤتمرات ووضحوا العديد من الخطوات التي بإمكانها التقليل من التأثيرات السلبية على البيئة. من هذه الخطوات:

  • الاعتماد على الطاقة المتجددة: بدلاً من استخدام الوقود الأحفوري تم استخدام الطاقة المتجددة في الكثير من بلدان العالم. حيث أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة بإمكانها التقليل من انبعاثات الغازات والإسهام في خلق مستقبل نظيف ومستدام.
  • تقليل النفايات وإعادة التدوير: التخلص من النفايات بشكل مدروس. حيث يساعد هذا على التقليل من كمية النفايات التي ينتهي بها المطاف في المكبات والمدافن. بما أنها تحتاج إلى المزيد من الطاقة للتخلص منها وتزيد نسبة التلوث.
  • استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة: بإمكان الجميع استخدام الدراجة أو المشي. بالإضافة إلى استخدام السيارات الكهربائية التي تم الاعتماد عليها بشكل كبير في الفترة الأخيرة. حتى أن بعض الدول المتطورة قدمت تسهيلات كبيرة لمستخدمي السيارات الكهربائية. على سبيل المثال، المواقف المجانية وتوفير شبكة من محطات الشحن بتقنيات سريعة الشحن.

كيف تصب الاستدامة في سبيل تحقيق السلام؟

يعد السلام مطلب وهدف عالمي سعى إليه الإنسان منذ الأزل. حيث لا تزال الصراعات والحروب تحول دون تحقيق هدف السلام. كما تنشر التفرقة العنصرية والطائفية وغيرها. أصبح من الضروري تعزيز الثقة بين أبناء الشعب الواحد. بذلك يتم نبذ العنف والعنصرية وتعزيز أواصر المحبة والتعاون بما يخدم مصلحة الجميع.

ن عملية بناء السلام تشمل نشاطات متعددة وعلى مستويات عديدة. وهي تتطلب التفاعل بين القادة والمجتمع. بالتالي فإن عملية بناء السلام عملية مستدامة وحيوية وفق مستويات متعددة. لهذا وضعت الأمم المتحدة فكرة السلام من أهدافها الرئيسة.

حيث خصصت الهدف رقم 16 من أهداف التنمية المستدامة (السلام والعدل والمؤسسات القوية) للوصول إلى سلام مستدام. نادت فيه على ضرورة إنهاء الحروب والنزاعات حول العالم بالإضافة إلى ذلك ركزت على بناء المؤسسات التي ترتكز عليها تلك الدول ووفق نظام عادل.⁵

بالنهاية نرى أن تحقيق الاستدامة يعتبر فكرة عامة. يندرج تحتها الكثير من الأهداف. كما تتطلب تكاتف الأفراد والدول وفق أنظمة عالمية وخطط مدروسة. هدفها الأساسي حماية كوكب الأرض من المخاطر المحدقة به والتي ستظهر نتائجها للأجيال القادمة.

اقرأ أيضاً:

المصادر

  1. UN
  2. Research Gate
  3. Sustainability Excellence
  4. HBR
  5. UNODC

ما هي الاستدامة؟ قراءة المزيد »

Coexistence

التعايش: المفهوم والأهمية

Coexistence

التعايش: المفهوم والأهمية

تطوّرت البشريّة بصورةٍ كبيرة عبر العصور، وتطوّر معها مفهوم التعايش كثيراً. فانتقل الإنسان من الاختباء في الكهف والانعزال للحفاظ على الأمن؛ إلى الحياة المشتركة في مجموعات. اتسمت هذه المجموعات بالتشابه الفكريّ والالتزام بعادات وتقاليد محدَّدة من عاداتٍ ولباس. ومنها نشأت المجتمعات البشريّة المختلفة، والألوان الفكريّة المتنوعة التي بُنيت وفقاً لتجربة كلّ مجموعة.

فبالتأكيد لن يتشابه تفكير رجل يعيش في الغابات مع رجل يعيش في الجبال الجليدية ولن تتشابه أنماط حياتهم وتقاليد اللباس والطعام والتواصل.

كثيراً ما كانت تحصل صدامات بين المجتمعات البشريّة عندما تلتقي وكان تحاول إحداها فرض سيطرتها على الأخرى، إلى أن تطور مفهوم الإنسانيّة، وظهر لنا مفهوم التعايش بين المجتمعات البشريّة.

وعليه لم يكن التعايش يوماً ترفاً فكريَّاً تسلكه المجتمعات البشريّة المختلفة دينيّاً ومذهبيّاً وعرقيّاً وسياسيّاً على كوكب الأرض. بل كان وسيبقى دوماً ركيزة أساسيّة في بناء التفاهم والالتقاء بين المجتمعات البشريّة على الرغم من اختلافها، وذلك لتطور البشريّة والحفاظ عليها.

وفي هذا المقال سنتطرق إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية:ما مفهوم التعايش؟، وما أهميّة التعايش؟، وما أنواعه وأشكاله؟، وكيف أثبتت الحروب الأهليّة أنّ التعايش هو سبيل النجاة منها؟.

مفهوم التعايش 

يتفرّد كلّ إنسان أو مجتمع بشريّ بخصائص وصفات تميّزه وتجعله مختلفاً عن مجتمعه، الأمر الذي يخلق تنوعاً بين الأفراد في مجتمعاتهم وأيضاً بالنسبة للمجتمعات فيما بينها. وهي حالة طبيعيّة وصحيّة؛ فمن غير الطبيعي أن تتماهى المكونات البشريّة بلونٍ واحدٍ بالفكر أو الانتماء. 

ولكي تكون هذه الاختلافات سليمةً، كان لا بد من إدارتها عبر مفهوم التعايش.

ويُحدد معنى التعايش لُغةً على أنّه: "العيش على المحبة والألفة. أو تعايش الأشخاص إذا تواجدوا في نفس المكان والزمان. والتعايش أيضاً هو مجتمعٌ تتعدَّد طوائفه، ويعيشون فيما بينهم بانسجامٍ ووئامٍ على اختلافات الأديان أو الأعراق أو اللُّغات. التعايش السلمي يعني بيئة يسود فيها التفاهم بين فئات المجتمع المختلفة دون اللّجوء إلى استخدام القوّة.¹

يأتي التعايش على وزن (تفاعل) ما يدل على وجود العلاقة المتبادلة بين الأطراف المتعايشة.¹

أمّا معنى التعايش اصطلاحاً، فهو: "اجتماع مجموعة من الناس في مكان واحد، تربطهم فيه وسائل العيش من الطعام، والشراب، وأساسيّات الحياة. بغض النظر عن الدين أو الانتماءات الأخرى، فيعرف كلٌّ منهم حقوقه وواجباته دون اندماجٍ أو انصهارٍ تام."¹

وعليه فإنّ التعايش يفترض من كلّ إنسان احترام اختلافات الآخرين -أفراداً وجماعات- حتى لو تعارضت مع مبادئه وفِكره مباشرةً.

أهميّة التعايش

ينطلق التعويل على مفهوم التعايش بوصفه ضرورةٍ لبناء المجتمعات الموصوفة بالتعدديّة العرقيّة والدينيّة والمذهبيّة والاقتصاديّة والسياسيّة. وذلك لأهميّته في إرساء دعائم الاستقرار والأمن وتعزيز المصالح المشتركة بين المكونات.

فلا أكثريّة تغلبُ أقليّة، بل تعايشٌ يتضمن كلّ أنواع التعاون والاحترام المتبادل. وعلى مبدأ لا غالب ولا مغلوب في الوطن الذي يعدّ ملكاً للجميع. إذ يحرص الأفراد المختلفون عن بعضهم البعض، على تغليب المصلحة العليا المشتركة وتثبيت أساسات أمنهم الاجتماعيّ بالعيش المشترك لضمان مستقبلٍ أفضل.

كما أنّ التعايش يعطي المجتمعات أنواعاً جديدةً من الفِكر نتيجة تمازج الثقافات، ما يطوّر البشريّة، ويُنتِج مجتمعات جديدة.

الأنواع

يوجد العديد من أنواع التعايش التي يمكن تصنيفها على الشكل الآتي: 

أولاً: التعايش الدينيّ؛ ومن مظاهره: 

  • ممارسة الشعائر الدينيَّة علناً وبحريّة تامّة دون خوف في أيّ مكان.
  • احترام العقائد المختلفة وأهلها.
  • حريّة التديّن واختيار الدين، أو المذهب، أو الطائفة. 
  • المساواة بين جميع السكان بغض النظر عن الانتماء الدينيّ لكلّ منهم.

ثانياً: التعايش العرقيّ (الاجتماعيّ)؛ من مظاهره: 

  • حماية الأقليّات ودمجهم في جميع الوظائف والمؤسسات العامّة.
  • مساواة المعاملة وتطبيق القانون على جميع أفراد المجتمع.
  • اعتماد أكبر قدر من اللّغات المتداولة في المجتمع في المعاملات الرسميّة في الدولة، وفي المنهج التعليميّ. 

ثالثاً: التعايش الثقافيّ؛ من مظاهره: 

  • دمج التنوع الثقافي في المناهج التعليميّة.
  • تطوير الكفاءات المشتركة بين الثقافات التي تُفضي إلى الحوار البنّاء.
  • تعزيز الدور غير الرسميّ للمراكز الثقافيّة الفكريّة المتنوعة.
  • توسيع حركة الترجمة التي توسّع آفاق التفاهم بين العالم.
  • حريّة التعبير عن الرأي والفِكر.³

الأشكال

أمّا فيما يتعلّق بأشكال التعايش فنذكر منها: 

  1. أولاً: "التعايش المؤقت": يضطر فيه الإنسان إلى التعايش بصورةٍ مؤقتة مع جماعة معيَّنة تختلف عنه بالفكر والعقيدة، كما في حالة النزوح واللجوء.
  2. ثانياً: "التَّعايش القسري": يكون فيه الإنسان مجبراً على التحمل إلى حين قبوله ضمن الجماعة الجديدة التي يريد الانتماء إليها، وهذا الشكل يتطلّب جهداً كبيراً من قِبل الفرد.
  3. ثالثاً: "تعايش المواطنة": يتطلّب من كلّ مواطن في دولة ما، الحرص الكامل على التعامل الحسن مع الآخر وقبول اختلافه.
  4. رابعاً: "التعايش المُحبَّب": يكون باختيار الإنسان وبملء إرادته، بناءً على رغبته بالانتماء إلى جماعة ما يتوافق معها أو يجد مصلحةً ما لوجوده معها.

كيف أثبتت الحروب الأهليّة أنّ التعايش هو سبيل النجاة منها؟ 

تحدث الحروب الأهليّة عادةً جرّاء عوامل خارجيّة وداخليّة، تؤدي دوراً تخريبيّاً وتحريضيّاً في تأليب المجموعات السكانيّة في بلدٍ ما على بعضها البعض. 

فتغيب ثقافة التعايش بين المكونات البشريّة في ذلك البلد، وتغلُب النعرات الطائفيّة والمذهبيّة وعدم قبول الآخر على التفاهم والتعايش بسلام. والنتيجة تكون كارثيّة على الجميع لأنّها تدمّر جيلاً كاملاً، وتعزّز مفهوم العنف وفرض السيطرة بدلاً من الحوار لبناء المجتمع. 

شهد التاريخ القديم والحديث أمثلةً مؤلمةً عن الحروب الأهليّة ومنها الحرب الأهليّة في "رواندا". والتي استطاعت الخروج منها عبر تغليب مفهوم التعايش بين المجموعات العرقيّة المتقاتلة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب. 

لا تمتلك "رواندا" حقولاً نفطيّةً عملاقةً، ولا مناجماً ضخمةً للمعادن النفيسة. لكنّها عانت صراعٍ قبليّ، راح ضحيته عشرات الآلاف من الأشخاص، وولّد العداوات بين أبناء الشعب.

ومع كلّ ذلك، استطاعت الدولة الصغيرة خلال العشرين عاماً الأخيرة تحقيق إنجازات اقتصاديّة كبيرة. بُنيت على أساس رؤية حكوميّة للخروج من شبح تداعيات الحرب الأهليّة، وخلق مناخ التعايش وتحقيق التنمية والرفاهيّة لأبناء الشعب.² 

 

أخيراً، لم نرَ أُسرةً ناجحةً إلّا وكان الحوار والتفاهم أساس التعامل بين أفرادها. فحتّى داخل الأُسرة نفسها هناك اختلافات قد تحدث بين الزوجين والأولاد، لكن احترام الاختلاف يقوي الأُسرة ككلّ ويعمل على بناء شخصيات أفرادها. كما يساعد كلٌّ منهم على إظهار شخصيّته المختلفة وتطويرها ودعم عائلته. فما بالك بمجتمعٍ قائم على هذه المعادلة، علينا أن نبدأ باللّبنة الأولى في المجتمع حتّى نطوّره ونرقي مفهوم التّعايش فيها.

اقرأ أيضاً:

المصادر

  1. Bunean
  2. Alaraby
  3. Bunean

التعايش: المفهوم والأهمية قراءة المزيد »

International Day of Peace

اليوم الدولي للسلام

International Day of Peace

اليوم الدولي للسلام

هل يتحول "اليوم الدولي للسلام" إلى نمط حياةٍ نعيشه، ويتحول هذا العالم إلى "يوتوبيا"؟

"عندما تتغلّب قوّة الحب على حب القوّة سيشهد العالم السلام"
- جيمي هنتركس. [1]

هل سمعت عن حلم الإنسان ب "يوتوبيا"؟ "يوتوبيا" هي المدينة الفاضلة، حيث لا مكان للحرب والنزاع والعنصريّة.
كل ما تراه على مد البصر هو الحب والتعاون والإخاء، كانت ولا تزال يوتوبيا حلم جميع المناضلين، وأولئك الدعاة لبناء عالم من السلام، وفي الحقيقة هي حلم كل إنسان، وجدت الإنسانيّة طريقها إلى روحه.

ما هو اليوم الدولي للسلام؟

بدأ الأمر في عام 1981 بهدف "الاحتفال بمُثُل السلام وتعزيزها بين جميع الأمم والشعوب." وبعد مرور عقدين من الزمن حددت الجمعية العامّة 21 سبتمبر تاريخاً للاحتفال بالمناسبة سنويّاً "كيومٍ لوقف إطلاق النار عالميّاً والحد من العنف من خلال التعليم والتوعيّة الجماهيريّة والتعاون للتوصّل إلى وقف إطلاق النار في العالم كلّه." [2]

ونتيجةً لتطوّر المجتمعات تطوّرت مشكلاتها، لم يعد مصطلح "السلام" يمثّل نقيض الحرب فقط، ولم تعد نداءات السلام تبنى بالكامل على ترك السلاح، وإيقاف الحرب، ولكن ترافق مصطلح السلام مع حالة من انعدام التوتّر والعنصريّة والاضطهاد، حالة تعمّ فيها العدالة بين الأعراق والأديان والجنسين، نبتعد فيها نحن كبشر وككل عن العنف والقتل والتمييز.

لذلك كان موضوع عام 2022 هو "إنهاء العنصريّة وبناء السلام." [2]

وكلّما توسّع مفهوم السلام وزادت أركانه، كلّما زاد شعور الناس بأنّه خرافة تحكى للأطفال ليبقى الأمل داخلهم، ولن يقدروا على نيله أبداً، ولكن بالمقابل ازداد الاندفاع نحوه والجهد لتحقيقه وتكريسه للجيل القادم من أجل الحفاظ عليه، وفي واقع الأمر مهمّة السلام هي مهمّة صعبة ولكنّها ليست مستحيلة.

ما هي أهداف اليوم الدولي للسلام؟

كما يخبرنا عنوانه، فإن اليوم الدولي للسلام يهدف إلى حثّ الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء العالم إلى إلقاء السلاح والالتزام ب 24 ساعة من اللاعنف والعمل من أجل الوئام. [3] ولهذا السبب ولتأكيد أهمية فض النزاعات والحد منها قدمنا بعض أساليب حل الصراعات بمنشورٍ في أول أسبوع من الحملة.

تعددت قضايا السلام، وأهدافه ومتطلباته، ولكن بقيت ثقافة السلام هي ثقافة الحوار والوقاية، وذلك لأن السلام الذي نسعى له هو البعد عن خطاب الكراهيّة، والابتعاد عن العنصريّة والاضطهاد، وهي ثقافاتٌ لن تندحر إلّا بالوعي. ي بحاجةٍ ماسّةٍ لرفض الأنماط المزروعة في لاوعينا، وأن نحكّم العقل الواعي والمنطق، أن ننفض غبار العادات والتقاليد ونعمل على تقبّل الآخرين بما هم عليهم، واحترام حريّاتهم وعاداتهم.

ليست بالمهمّة السهلة أن نرفض الأفكار المزروعة والتي رافقت المجتمعات لمئات السنين، ونبدأ بخلق أفكارٍ جديدةٍ ولكن هذا ما يتوجّب علينا فعله لإنشاء ثقافة السلام، وزرعها وتغذيتها.

لذلك، يهدف اليوم الدولي للسلام، لنشر الحب ومعالجة الأسباب الجذريّة للمشكلات، ودعم التربية والتعليم – السبيل الوحيد لغرس طريقة التفكير السليمة- والنهوض بحريّة التعبير، وترسيخ الحوار بين الثقافات، واحترام حقوق الإنسان والتنوّع الثقافي وتعزيز التعاون العلمي. [4]

وكما أن أحد مساعي اليوم الدولي للسلام هو دعم التعليم فإن التعليم الصحيح يساعد في نشر السلام. فأطلقنا ورشة عملٍ عن البرامج المعنية بالسلام إضافة إلى مقالٍ حول دور التعليم في بناء السلام. إذ نرى أن دمج السلام بطرق ومناهج التعليم سوف يحدث فرقاً إيجابياً عالمياً إذا تم تطبيقة بالطريقة الصحيحة.

موقف المرأة من اليوم الدولي للسلام

المرأة، هذه المخلوقة الجميلة اللطيفة، التي مثّلت عبر التاريخ رمز الحب والحنان واللطف، تحتاج إلى الحب والاستقرار لتزدهر. لهذا السبب ولأننا نثق ثقةً تامةً بأهمية المرأة في نشر السلام خصصنا مقالاً يتحدث عن دور المرأة السورية في بناء السلام..

إذ منذ الأزل والمرأة تسعى إلى السلام، وتمشي نحوه، كل النداءات التي صرختها المرأة، وعبرت عنها بدموعها كانت بهدف السلام، فالعدالة التي نطالب بها ما هي إلّا نبذ الاضطهاد والتمييز بين الجنسين، حقّنا بالعيش الكريم دون عنفٍ أسريٍّ أو مجتمعي، أن تُعامل المرأة كإنسان من دون أن تخشى على نفسها من التحرّش والاغتصاب، و الاتجار.

المرأة لم تطالب في يوم من الأيام بأكثر من حقّها بالعيش في المجتمع بسلام، أن تسير على الطرقات بدون خوف، أن تعمل في مكانٍ يحترمها، ويصون حقها فقط.

العنف القائم على النوع الاجتماعي هو أحد أشكال العنف التي يسعى اليوم الدولي للسلام للقضاء عليها. بالطبع اليوم الدولي للسلام ما هو إلّا تذكيرٌ بحرب الإنسانيّة جمعاء ضد العنف والكراهيّة، لأن الحرب من أجل السلام، هي مجموعةٌ من المعارك على الكثير من الجبهات، وهي حربٌ مستمرّة ولن تتوقّف حتى ننال يوتوبيا التي نحلم بها.

السلام والتنميّة

ليس من المستغرَب بأن نقول، المجتمع الآمن هو مجتمٌع جاهزٌ للازدهار، لأن السلام يمنح الناس الفرصة للتفكير بشيء آخر. عوضاً عن البحث عن الحماية والاستقرار. فأقمنا جلسة نقاشٍ تركز على العلاقة ما بين السلام والتنمية وترابطهما بعدة نواحي.

كما يمكننا أن نرى عبر التاريخ أثر السلام والاستقرار على المجتمعات. فتلك التي بدأت تؤرّخ الحضارة هي التي تمكّنت من الاستقرار بجانب الأنهار وأمنت مصدر عيشٍ قريبٍ لمسكنها. تركت حياة الترحال.

وما غاية الإنسان سوى السير نحو المستقبل. ومن لا يحلم بالنجاح والتطوّر، ولكنّك لن تحقق مبتغاك وأنت تحارب من أجل حياتك، أو من أجل أن تحقق احترام لحياتك، جنسك، خياراتك، أن يُسمع صوتك، وأن تُرى فقط كإنسانٍ لا كأي شيء آخر.

حملة السلام

من خلال مبادرة Uplifting Syrian Women، قدّمنا حملة السلام، تحت عنوان Choose Peace أو السلام خيارنا، وكانت رسالتنا من خلال تلك الحملة "To reach peace, teach peace"، إذ نرى أن نشر ثقافة السلام يبدأ من كل فرد مننا. كل فرد يعيش بسلام تلقائياً سوف يدعو ويلهم من حوله للعيش بسلام.

بدأنا بحملة Choose Peace في الأول من سبتمبر، وكانت أهدافنا واضحة من خلالها والتي نأمل بأننا إن لم نحققها، دفعنا قافلتنا خطوة أخرى في سبيل تحقيقها. وكانت مقسمة لثلاث أسابيع، وكل أسبوع بمحور محدد.

نأمل في أن تكون حملة Choose Peace ساعدتكم على البدء في مسيرتكم الخاصة في نشر السلام. حملتنا هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لن نتوقف حتى نبني وننشر السلام في سورية وفي العالم أجمع. لذا دعونا نمشي معاً على الطريق، دعونا نحاول نشر الحب والفرح والسلام سوية. فلنحاول ردع العنف والقضاء على الظلم والفقر والكره.

أمن وسلام العالم يخصنا. انتهاك حقوق النساء والأطفال في بلد غريب هو انتهاك لحقوقنا. المجاعات والأزمات الإنسانية مدمرة للجميع. إلى متى سوف نتدعي أن هذه القضايا لا تمسنا مباشرة؟

دعونا نتكاتف ونبدأ الآن. فلترك الطمع، والتردد، والخوف برفقة بعضهم ولنبدأ الآن في مهمة نشر السلام وكل ما هو جميل ومليء بالخير للبشرية بأسرها.

مبادرة Uplifting Syrian Women هي مساحة آمنة، تحفظ حق حريّة التعبير والتعامل باحترام، ونحن نتمنّى أن نكون محطّةً من مسير البشريّة باتجاه السلام، أن نبثّ لكم صيحات ودموع النساء اللواتي سبقتنا في سبيل هذه الدعوى، وألّا تضيع تضحياتهن هباءً.

🌿مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.

المصادر

[1] 7ekam

[2] UN

[3] UN

[4] Unesco

اليوم الدولي للسلام قراءة المزيد »

The Role of Syrian Women in Peacebuilding

دور النساء السوريات في بناء السلام

The Role of Syrian Women in Peacebuilding

دور النساء السوريات في بناء السلام

"دائماً ما يقال للنساء السوريات أن المساواة المبنية على النوع الاجتماعي تأتي في المرتبة الثانية بعد حقوق الإنسان ووقف الحرب. لكن دون المساواة المبنية على النوع الاجتماعي، لن يكون هناك سلام ولا حقوق إنسان".
- زينة أرحيم؛ صحفية وناشطة نسوية ومستشارة/مدربة اتصالات. [1]

أهمية المرأة في عملية صنع السلام

إن إشراك المرأة في عمليّة صنع السلام هو ضرورة لا بد منها فهي تشكل أكثر من نصف المجتمع من ناحية العدد ومن ناحية حجم دورها في كل المجالات. فقد أثبتت دورها كمعيلة لأسرتها، ومستجيبة إنسانية أولية، وقائدة، وبانية للسلام. [1]

لذا يُعدّ بناء قدرة المرأة كعاملة من أجل السلام وصانعة قرار ضرورياً من أجل مستقبلٍ عادلٍ في سوريا. فالمساواة لا تحقق العدالة للمرأة فقط، بل للمجتمع بأسره، ودور المرأة في بناء السلام وصناعته لا يجب أن يكون شكلياً فحسب، بل دبلوماسياً، وفي الميدان، وتحديداً مع قوات حفظ السلام. لأن المساواة الجندرية هي إحدى الوسائل التي يمكن أن توقف العنف في المجتمعات وتفرض السلام بين البشر. لذلك فإن تحقيق المساواة يعد أحد أهداف التنمية المستدامة لمستقبل أفضل للبشرية. [3]

وقد توصّل تحليل كمّي شمل 156 اتفاق سلام إلى أن مشاركة النساء المحليات في مفاوضات السلام زادت من احتمال توقُّف العنف في غضون عامٍ واحد بنسبة 24.9 في المئة. 

وفي العقدين الأخيرين بدأنا نلمس تسارع في عجلة الحركات النسوية في الشرق الأوسط، ومنها على الصعيد السوري والحركة السياسية النسوية السورية. [4]

الأزمات التي بلورت دور المرأة في صنع السلام

  • الحرب السورية: 

نتيجة للحرب السورية تأثرت المرأة السورية بالنزاع، فباتت تشكّل قرابة نصف الأشخاص الأكثر احتياجاً إلى المساعدة الإنسانية. كما زادت مستويات فقر المرأة السورية عن الرجل السوري، وزاد خطر تعرّضها للعنف القائم على النوع الاجتماعي، فضلاً عن أنها ما زالت تتولى مسؤولية رعاية الأطفال وأفراد العائلة الآخرين. وأصبحت النساء، خلال الحرب السورية، مُعيلات أساسيات لأسرهن. ويعود ذلك جزئياً إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف الرجال خلال الحرب. ويُشار في هذا الصدد إلى أن المرأة باتت مسؤولة عن نحو ثلث الأسر في سورية، وعن نحو 40 إلى 50 بالمئة من الأسر في دول اللجوء، وتسعى هؤلاء النساء جاهدات لتغطية التكاليف الأساسية لعائلاتهن، ويتحمّلن مسؤوليات هائلة.

فضلاً عن الآثار التي تخلفها الحرب على النساء كالعنف القائم على النوع الاجتماعي، والاعتقال والقتل، واستهداف الناشطات المدنيات والمدافعات عن حقوق الإنسان، واللجوء والنزوح والتهجير القسري. [2] [3]

  • جائحة كورونا:

أدت جائحة فيروس كورونا إلى زيادة العنف ضد النساء عالمياً بسبب تدابير الإغلاق والحجر، ويذكر أن المرأة تشكل نسبة 70% من القوى العاملة في القطاع الصحي الأمر الذي يجعلها أكثر عرضة للعدوى والمرض. [2]

المرأة ومؤتمرات السلام، بين التوصيات والمشاركة الفعلية

كل تلك المصاعب لم تمنع كثير من النساء من لعب دورهن سياسياً ودبلوماسياً، وأيضاً في بناء السلام وتحقيق العدالة، بل أثبتن وجودهن في الميدان، وفي دول الاغتراب واللجوء. [3]

إضافةً إلى هذه التحديات، طالبت النساء السوريات بإشراكهن في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة. في عام 2000، أقرّت الأمم المتحدة القرار رقم 1325 الصادر عن مجلس الأمن حول المرأة والسلام والأمن، وأوصت بأن تشكّل المرأة ما لا يقل عن 30 في المئة من المشاركين في محادثات السلام في عام 2002.

أصدرت المنظمة العالمية بيان جنيف 1 الذي ينص على أنه "من الواجب أن تُمثَّل المرأة تمثيلاً كاملاً في جميع جوانب العملية الانتقالية".

كما تم إجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وزيادة المشاركة في أنشطة التدريب وتنمية المهارات، والزيادة في ريادة الأعمال النسائية في البلاد منذ بداية الصراع. ومع ذلك، لا تزال المشاركة المباشرة للمرأة في مفاوضات السلام رفيعة المستوى ونسبة مشاركة النساء في صنع القرار السياسي على المستويين الوطني والمحلي منخفضة بشكل مخيب للآمال.

إذ شكّلت النساء، في المعدّل، 13% فقط من المفاوضين، و6% من الوسطاء، و6% من الموقّعين في عمليات سلام أساسية في مختلف أنحاء العالم بين عامَي 1992 و 2019. [4]

بينما خلال اجتماع اللجنة الدستورية في أغسطس 2020، وهي الهيئة التأسيسية التي تتولى الأمم المتحدة تيسيرها من أجل اعتماد دستور جديد لسورية في إطار عملية السلام، كان غياب المساواة الجندرية واضحاً. فالنساء لم يشكّلن سوى ثلاثة عشر عضواً فقط من أصل 45 عضواً في لجنة الصياغة. [4]

ونظراً لما سبق، نجد أن إشراك النساء السوريات في عملية السلام وصنع القرار إلى تقدم ملحوظ، لكنه بطيء وغير مرضٍ. ويحتاج إلى تحركات أكبر من قبل المؤسسات المحلية والعالمية من جهة، ومطالبات من قبل الجهات النسوية من جهة أخرى، حتى نصل لواقع تكون مشاركة المرأة في صنع السلام من المسلمات في كل المؤتمرات.

ونظراً لما سبق، نجد أن إشراك النساء السوريات في عملية السلام وصنع القرار إلى تقدم ملحوظ، لكنه بطيء وغير مرضٍ. ويحتاج إلى تحركات أكبر من قبل المؤسسات المحلية والعالمية من جهة، ومطالبات من قبل الجهات النسوية من جهة أخرى، حتى نصل لواقع تكون مشاركة المرأة في صنع السلام من المسلمات في كل المؤتمرات.

في مبادرتنا نسعى لتقوية ودعم المرأة وسد الفجوة المبنية على الجنس. ولأن المرأة بطبيعتها مسالمة وجزء جوهري هام لتحقيق العديد من مساعي البشرية على كافة المستويات. نرى أن تشجيع ودفع النساء للمشاركة الفعالة في تحقيق السلام واجب على الأفراد والجماعات أو الحكومات معاً.

اقرأ أيضاً: دور التعليم في بناء السلام.

♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.

المصادر

[1] UN Women News

[2] UN Women Articles

[3] The Syrian Women PM

[4] Carnegie

دور النساء السوريات في بناء السلام قراءة المزيد »

Role of Education in Peacebuilding

دور التعليم في بناء السلام

Role of Education in Peacebuilding

دور التعليم في بناء السلام

في عام 2022 مازال بناء السلام أحد الأمور التي يطالب بها الإنسان ويسعى لتحقيقها. ولأن بناء المجتمعات يبدأ من بناء الإنسان، فقد خلُصت كل الدول إلى ضرورة إحلال السلام عبر تعليمه حتى نصل إلى زمنٍ يكون السلام فيه أمراً مُعاشاً لابد منه. فما هو مفهوم السلام الذي نتحدث عنه؟ وهل يمكن حقاً تعلّمه وتعليمه؟

ما المقصود بالسلام؟

السلام هو حالة الأمان والاستقرار والانسجام بين جميع الأفراد في ظل غياب كل أشكال الاضطرابات والحروب والعنف. نقاء هذا المصطلح دفع كل المجتمعات للسعي لتحقيق السلام في أقاليمها ومع الأقاليم الأخرى قياساً للفائدة الملحة والقيمة التي تنعكس على الإنسان من كافة الجوانب. [1]

ما الذي جعلنا بحاجة لبناء السلام؟

إن الأحداث التي حدثت في العالم وراح ضحيتها الملايين من البشر كانت السبب المباشر وراء حاجة البشرية للسلام. "إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب" هي مطلع ميثاق الأمم المتحدة.

هذه الكلمات كانت الدافع الأساس وراء إنشاء الأمم المتحدة بعد الحربين العالميتين وكمية الدمار التي نتجت عنهما.

فكان الإجماع على إنشاء هيئة الأمم المتحدة 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945 (تاريخ دخول ميثاقها حيز التنفيذ، للمساعدة في استعادة السلام بعد الصراعات المسلحة الآنفة، وتعزيز سلامٍ دائمٍ داخل المجتمعات وخاصة الخارجة من الحرب. [5]

العوائق التي تعترض تحقيق السلام

رغم تسليط الضوء على السلام وحاجتنا إليه إلا أن عملية السعي لتحقيقه تتعرض لمعوقاتٍ تعترض تحقيقه في العالم الحالي، وأهم هذه العوائق هي:

  • التنافس بين أقطاب العالم، ففي مجالس الأمن التي أُنشئت بغرض تحقيق السلام الدولي غلبت مصلحة الدول الكبرى على المسعى الأساسي للمجلس من خلال منحها حق النقض لتتقدم مصالحها مصالح الأمن الدولي واستقراره.
  • التعصب الديني والعرقي الذي نتج عنه الكثير من النزاعات والعنف الأمر الذي خلّف الكراهية بين هؤلاء الأطراف، وترسيخ الإرهاب والتطرف.
  • جشع وطمع الدول الكبرى ومحاولتها السيطرة على المصادر الطبيعية والاقتصادية للدول النامية.
  • عدم توازن النظام الاقتصادي العالمي، ووجود مجتمعاتٍ فقيرةٍ جداً وأخرى غنية، وهذا أنتج- في أغلب المجتمعات- حالةً من التذمر والحقد. [2]

السلام المجتمعي

السلام المجتمعي أو الاجتماعي هو العامل الأهم والأساس في تحقيق الاستقرار والأمن للمجتمعات كافة، وذلك بإحلال العدل وضمان حقوق كل الأفراد. إضافة إلى خلق تعاونٍ وتشاركيةٍ بين الأفراد ورفع قيم المواطنة لديهم. الأمر الذي يكفل تحقيق التنمية والتقدم والنمو والازدهار في القطاعات المختلفة وتطور المؤسسات الاجتماعية لأن الجهود كافةً تصبح منصبّةً في خدمة الوطن والمجتمع.

في حالة الخلافات والحروب تنقسم المجتمعات إلى عدة أطرافٍ تنشغل بالانتقامات والثأر من بعضها البعض، وتكون المصالح الخاصة هي العليا والغالبة على الاشتراكية والمصلحة العامة. ويستحال في حالات الاضطراب هذه الحفاظ على الحضارة القائمة حتى على أدنى حد، وتؤدي لانهيار كيان المجتمع بالكامل. [3ٍ]

تعليم ثقافة السلام المجتمعي

من أكثر الأمور إثارةً ولفتاً للنظر هو الحاجة للتعليم والتدريب على ثقافة السلام الاجتماعي في نفس كل فرد. الأمر الذي بات لا مناص منه حتى تبدأ النتائج بالتحقق. ما يولد مسؤولية كبيرة على مؤسسات المجتمع لترسيخ وتمكين هذه الثقافة منطلقين من السلام الداخلي النفسي لكل فرد إلى السلام المجتمعي العام والسلام البيئي مع التركيز على التنمية المستدامة.

فتعليم السلام هو عملية إكساب الأفراد للقيم والمعرفة وتطوير المواقف والمهارات والسلوكيات لديهم للعيش بمودة وهدوء مع أنفسهم ومع الآخرين ومع البيئة الطبيعية. [3]

ما هو دور التعليم في بناء السلام؟

التعليم هو أهم وسائل التخلص من الجهل والكراهية، ومن خلاله يتم التعريف بثقافة وحضارة الشعوب الأخرى وعاداتهم وتقاليدهم. ومن خلال هذه المعرفة تعلّم الشعوب احترام بعضها البعض وتقدير الاختلافات الثقافية والدينية فيما بينها، مما يتيح مجالاً واسعاً للتقارب وتسوية الخلافات بعيداً عن ثقافة العنف والحرب.

فإنّ نشر ثقافة السلام والتسامح في المجتمعات أصبح أهم المساعي التي يتم نقلها لكل أفراد المجتمع وللأجيال بواسطة التعليم. من خلال محاربة كل عوامل الخوف من الآخرين وتنمية قدرة الأجيال ودفعها إلى استقلال الرأي والتفكير النقدي والأخلاقي.

تساهم السياسات والبرامج التعليمية المعدَّة من قبل الحكومات والمنظمات بتعزيز التضامن والتسامح بين الأفراد ومحاربة العنف والتطرف، وذلك بتعليم القيم الإنسانية لتحقيق السلام والاندماج والتعاضد والتكاتف الاجتماعي والمعرفة بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية عبر التطوير والتحسين المستمر للمناهج.والأهم من هذا كلّه ربط التعليم بالمهارات الحياتية. [4]

دور مبادرة Uplifting Syrian Women في بناء السلام من خلال التعليم

مبادرة USW مبادرةٌ تسعى لتحقيق السلام وبنائه في المجتمع السوري خاصةً والمجتمعات العالمية عامةً من خلال التعليم وما تقدمه بشكل تطوعي خدمي ومجاناً من دوراتٍ تعليميةٍ وورشاتٍ تفاعليةٍ وجلساتٍ نقاشيةٍ حوارية لتفعيل حرية النقاش والتشاركية، وبهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح سلام المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.

اقرأ أيضاً: التنمر والتحرش الإلكتروني- جرائم متخفيّة.

♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.

المصادر

[1] Mawdoo3- Peace

[2] Mawdoo3- Community Peace

[3] Mimir

[4] Ishtar

[5] UN

دور التعليم في بناء السلام قراءة المزيد »