يشكل العنف الأسريّ إحدى المشاكل التي تواجه مختلف المجتمعات حتى يومنا هذا. رغم كل التقدّم في قوانين حماية الإنسان وسنّ القوانين العالميّة التي تجرّم الممارسات التي تقوم على العنف. ونرغب هنا بإلقاء الضوء على هذا الموضوع لأهميته وخطورته.
إن كان المنزل مملوءاً بالعنف وممارساته عوضاً عن الأمان والمحبة، فإنّ آثار هذا العنف سوف تصيب وتلازم كلّ أفراد الأسرة. من كبيرها إلى صغيرها.
يعرّف العنف الأسريّ حسب منظمة الأمم المتحدة بأنّه: "نوع من السلوك، يتمّ استخدامه لاكتساب أو الحفاظ على السلطة والسيطرة على الشريك. تكون الإساءة جسديّة أو نفسيّة أو اقتصاديّة أو على شكل تهديدات تؤثر على الطرف الآخر. وتكون على شكل أفعال تتضمن ترهيب أو تخويف أو تلاعب أو أذيّة أو إهانة للطرف الآخر. يمكن أن يحدث العنف الأسريّ لأيّ شخص بغضّ النظر عن العرق، الجنس، الدين أو الخلفيّة الماديّة والتعليميّة." [1]
يتضمن العنف الأسريّ العديد من الأنواع، نذكر بعضها:
ومن الجدير بالذكر أنّ المتحرش -خاصة إذا كان الهدف طفلاً- قد يكون أحد الأقرباء وهذا أمر شائع. والطفل الذي يتعرض لهذا النوع من العنف الأسري يتكتّم على الأمر خوفاً من عدم تصديق من حوله لما يقوله. لكن آثار التعرض لهذا النوع من التحرش تكون مؤذية جداً ومدمّرة على المدى البعيد. فقد يظهر عند الفرد خوف من الجنس، بالإضافة إلى احتماليّة إصابته بالاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية.
لعلّ الحدود ما بين ما يعتبر "طبيعي" في مفاهيمنا الفرديّة وما هو حقاً "طبيعي" غير واضحة. لذا نودّ مشاركة بعض العلامات التي تؤكد تعرّض أيّ شخص للعنف الأسريّ. منها: عندما يقوم الشريك بإحراجك أمام الأشخاص أو تسخيف قراراتك. منعك من العمل وقمع حرياتك المختلفة لإشباع رضاه/ها. وجود آثار جسديّة ونفسيّة، مثل ظهور كدمات على الجسد أو آثار حروق ودماء أو قد يظهر المُـعنَّف خائفاً من الشريك ولا يستطيع البوح بما يفكر به.
العنف من الظواهر التي تترك آثارها على الفرد وتحدّه من أداء واجباته تجاه المجتمع. إذ يعيش الفرد ضمن حالة من الاكتئاب والقلق، ونجد ذلك بشكلٍ خاصّ عند النساء. إذ إنّ إعطاء العديد من -أو ربما معظم- المجتمعات السلطة للرجل وترسيخ فكرة أنّه المتحكم والآمر الناهي في عائلته ساهمت بهذا الأمر.
إذ زرعت هذه المفاهيم والقوالب النمطية -عند الرجال والنساء على حدّ سواء- الاعتقاد بأنّ المرأة هي ملك خاصّ للرجل. وبالتالي يستطيع فعل ما يحلو له بها. وتطورت هذه الفكرة لديه فأصبح يفرض سيادته باستغلال قوته الجسديّة فقد يضربها ويمنعها عن العمل وغير ذلك.
والأطفال لا يسلمون من نتائج العنف الأسريّ أيضاً، إذ سوف يشكل نقطة حساسة لديهم نتيجةً لآثاره المدمرة المرافقة لحياتهم. فقد تظهر بعض هذه العلامات عند الأطفال:
تمّ تأسيس مركز خطّ الثقة في سوريا عام 2007 ليكون آلية لدعم ضحايا العنف الأسريّ. وهو وسيلة أثبتت فائدتها في الكثير من البلدان وهي فكرة قائمة على البوح بسريّة تامّة للمتصلين/ات. تمّ تجهيز الفريق بكادر من أخصائيين نفسيين وخبراء قانويين واجتماعيين. بالإضافة إلى أشخاص مدربين للإصغاء إلى شكوى المتصلين ويتمّ متابعة كلّ حالة من قبل الفريق لإيصالها لبرّ السلام.
رؤيتهم: الحدّ من العنف الأسريّ في سوريا.
رسالتهم: مساندة ضحايا العنف الأسريّ في سوريا.
قصتهم: من خلال إدراكهم أنّ ”الصمت لن يحل المشكلة“ والبوح هو أول الطريق لاكتشاف مكامن الألم وهو البداية للوصول إلى نقاط الضعف في بنيان مجتمعنا. عملوا على فكرة آمنوا بها وبمدى أهميتها من أجل مجتمع يخطو نحو الأفضل. [3]
لا بدّ من وضع حدّ لهذه الظاهرة وتسليط الضوء عليها بإقامة الندوات التوعوية. أمّا الأشخاص الذين يتعرضون للعنف ضمن نطاق أسرتهم، يجب عليهم إبلاغ السلطات المختصة بذلك. وإخضاعهم لجلسات لإزالة الأعراض السلبية المتروكة لديهم بغية تحريرهم من ماضيهم. إضافةً إلى العمل على تقويتهم ودعمهم وإعادة دمجهم بالمجتمع.
وتؤكد المبادرة دورها في مناهضة العنف الأسريّ لما له من آثار خطيرة تؤدي إلى تفكّك المجتمعات. كما تدعو مبادرتنا لنشر الحب والسلام بين أفراد الأسرة كونها البذرة التي تؤسس الفرد وتدمجه بالمجتمع.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
اقرأ أيضاً:
المصادر
[1] UN
[2] Women’s Health
[3] Pen SY