أول ما تبنته التنمية المستدامة من أهداف كان القضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع. نظراً لأن هذه الأهداف هي أحد أهم المشاكل التي يعاني منها نصف سكان العالم. فهَل ندرك حقيقة الفاجِعة التي تودي بحياة أكثر من نصف سُكّان العالم؟ السكان الّذين لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم الأساسية بسبب الفقر. بل هل نعي تفاقُم المشاكل المتشعّبة عن الفقر كالجوع، وأثرها في التّنمية البشريّة؟
"يتزايد الفقر والجوع. يعكسان عقوداً من التّقدم، ويرفعان مستويات عالية بالفعل من عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها"
- الأمين العام للأُمم المتحدة، أنطونيو غيوتيريش. [1]
إنّ تضخّم مشاكل الفقر والجوع ينعكس أثره مباشرةً في البلدان النّامية بشكل خاص وفي المجتمع الدّولي بشكل عام. كما يُعدّ سبباً لعرقلة عملية التّنمية المُستدامة وبرامج الحماية المُجتمعية. لذلك تتسارع الجهود الدّولية والمحليّة إلى تطوير خططها للقضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع والحدّ من آثارهما.
يرمي هذا الهدف إلى القضاء على الفقر في جميع أشكاله في كل مكان. إذ إنّ الفقر لا يتمثّل فقط بانعدام الدخل المادي وافتقار موارد العيش البسيطة، بل يظهر أيضاً في الجوع وسوء التّغذية. بالإضافة إلى الحِرمان من فُرص التّعليم والحرمان من الحصول على الخدمات الأساسيّة. تتمحور غايات هدف القضاء على الفقر فيما يأتي:
"لن يدوم الصراع والصراع المدني طويلاً إذا تمّ القضاء على العامل الأساسي وهو الفقر"
- رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تيجاني محمد باندي. [1]
هو الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة. تتنوع المظاهر لمشكلة الجوع والآثار السلبية المترتبة عليها؛ كسوء التّغذية وتدني مستويات الصحّة الجسديّة والنفسيّة. هذا ما دفعنا إلى التّفكير في آليّات تنمية الغذاء وتقاسمه واستهلاكه.
يتضمن هدف القضاء التّام على الجوع ما يلي:
لا يزال أكثر من 700 مليون شخص يعيشون في حالة من الفقر المدقع. كما يكافحون من أجل تلبية أبسط الاحتياجات مثل الصّحة والتّعليم والحصول على المياه والصّرف الصحي، على سبيل المثال لا الحصر. [4]
بالإضافة لكون الفقر يمتدّ ليشمل أبعاد واسعة كالبطالة والتشرّد والإقصاء الاجتماعي ممّا يؤدي لضعف التّماسك المُجتمعي. ينتج عن الفقر خلل في الصحّة العامّة الجسديّة والنفسيّة. كما أنّه يُشكل عائقاً في تحقيق العدالة والتمتّع بالحقوق الأساسية بين الجميع. مُسبّباً تيّاراً من التّوترات السياسية والنّزاعات الاجتماعية؛ بسبب عدم المشاركة في اتخاذ القرارات. إن القضاء على الفقر سوف يجعل مهمة العيش في بلدان سالمة أسهل، ويساعد في تحقيق باقي أهداف التنمية المستدامة.
في الآونة الأخيرة ازداد معدل الجياع إلى واحد من بين كل تسعة أشخاص، ذلك وفقاً لتقرير منظمة الصّحة العالمية. [5]
لعبت الحروب والنّزاعات التي شهدتها المنطقة في أثناء المدّة الماضية دوراً في تفاقم هذه المشكلة. ذلك لتسارع حركات النّزوح والتشرد بَحثاً عن الأمان، ممّا أدّى إلى موجة شح في الموارد وصعوبة تأمين لقمة العيش. كما يسهم تضرّر الإنتاج الزراعي نتيجة التغيّرات المناخية في نقص توافر الغذاء. الأمر الذي تَرافق مع ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة وضعف قدرة أصحاب الدخل المحدود في الحصول عليها بشكل جيد. أمّا فيما يتعلَّق بالمنحى الصحّيّ، يعدّ وضع سياسات وإجراءات من أجل القضاء التام على الجوع بمثابة خطوة فعّالة. تساعد على للقضاء على مظاهر سوء التغذية والسمنة والأمراض المرافقة لسوء التغذية.
تعمل المنظّمات والمؤسسات على تفعيل استراتيجيات للقضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع. يتم ذلك عن طريق خططها عبر فعاليّاتها وأنشطتها التي تشمل أصحاب الاحتياجات وتسعى إلى تلبيتها لهم.
تساعد الأنظمة الحكوميّة في سوريا حالياً على تأمين بيئة مولِّدة للعمالة المنتجة وخلق فرص عمل للفقراء وللمهمّشين. كما تسعى إلى وضع الاستراتيجيات والسياسات المالية التي تحفزّ النموّ لصالح الفقراء، والحدّ من المشاكل المُترتّبة على الفقر.
وطيعدّ دور الشباب الفاعل في صُنع القرار ذو تأثير مهم في تنمية هذه السياسات، ومشجع لابتكار الحلول الإبداعية وللطاقات الشبابية المؤثّرة في المجتمع. بالإضافة إلى دور العلوم والتّكنولوجيا في التعليم والتدريب والتجارب في خلق فرص عمل، وتعزيز الإمكانيات من أجل معالجة أزمات الواقع الزراعيّ والإنتاجيّ. وهكذا يمكن تلافي العديد من السلبيات من خلال التركيز على القضاء على الفقر والقضاء على الجوع كأولوية عالمية.
ويبقى الدور الأكبر ملقىً على حسّ المسؤولية المجتمعية لدى كل فرد في المجتمع، من أجل تحقيق شعار :"كي لا يتخلف أحد عن الركب". والذي مثلته سوريا في خططها للتنمية المستدامة في قمة الأمم المتحدة في عام 2020.
اقرأ أيضاً:
المصادر
[1] UN
[2] UN- Hunger
[3] UN- Poverty
[4] UN- Sustainable Development
[5] WHO