"إن اللاعنف هو أقوى قوةٍ في متناول البشرية. فهو أعتى من أعتى سلاحٍ من أسلحة الدمار تم التوصل إليه من خلال إبداع الإنسان".
- المهاتما غاندي. [2]
الإنسان بفطرته لا يلجأ للعنف إلّا عندما يشعر بالخوف، ويؤمن بأنّ الحياة مقدّسة، ولا يوجد سببٌ كافٍ لسلبها. والدليل على ذلك بأنّك لن تشهد إنساناً سعيداً متوازناً يضرب شخصاً آخر. لكن الحياة على هذا الكوكب شهدت الكثير من التغيّرات والتطوّرات الإيجابيّة حيناً والسلبيّة أحياناً كثيرة.
لأن الإنسان يحلم بالعيش السليم، ولكن كلّما اطمأنّ، وترك سلاحه، وجد الحرب اندلعت مرّة أخرى. رأى نفسه يعيش في حالةٍ الخوف مرّة أخرى، يخشى على نفسه وأحبّته من نيران الحرب، ولا يرى لنفسه الحل والسبيل للبقاء إلّا بالقتال واللجوء للعنف .
التاريخ مليء بالعنف والقصص التي كانت ضحاياها أكثر من المستفيدين منها، وندرك أن قصص التاريخ تعيد نفسها وأن عجلة الزمان تدور، لماذا إذاً لا نسعى نحن البشر للتمسّك بإنسانيّتنا والبحث عن وسيلةٍ أخرى، ربّما اللاعنف.
وكما يقول المهاتما غاندي أيضاً " هناك العديد من الأسباب التي قد أموت لأجلها. ليس هناك سبب واحد قد أقتل من أجله". [1]
يوافق 2 أكتوبر من كل عام اليوم الدولي للاعنف، وذلك وفقاً لقرار الجمعيّة العامّة للأمم المتحدّة في عام 2007. [2]
وقد تم اختيار هذا اليوم لأنه يوافق ذكرى ميلاد المهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجيّة اللاعنف.
مبدأ اللاعنف - كما يشير اسمه- يرفض استخدام العنف الجسدي لتحقيق التغيير الاجتماعي أو السياسي. [2]
لذلك رأت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة أن اليوم الدولي للاعنف هو الوسيلة الأمثل لنشر رسالة اللاعنف، وتوعية الجمهور وشعوب العالم حول مبادئه، وطريقة تنفيذه. ذلك لأن الواقع يخبرنا بأننا بلغنا حدّنا من الاستخدام المفرط للعنف في حل النزاعات.
والتأكيد على الرغبة المشتركة في تأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاعنف، وذلك من خلال استخدام السلام كأداة.
وجميعنا عندما نسمع مصطلح اللاعنف، يتبادر في أذهاننا أنّه مرادف السلام، ولكنّه يحمل معنى المقاومة اللاعنيفة، يسمح للإنسان بأن يحصل على حقوقه ويحارب لأجل مستقبله لمقاومة قرار استبدادي أو نظام ديكتاتوري.
بكلمات أخرى، اللاعنف لا يعني تجنّب الصراع والمواجهة، وإنّما الاستجابة للقضيّة بفعاليّة، والبعد عن العنف الجسدي، كما يقول ملهم اليوم الدولي للاعنف: " لا أستطيع أن أعلمك العنف لأنني لا أؤمن به. يمكنني فقط أن أعلمك ألّا تحني رأسك أمام أي شخص حتّى على حساب حياتك". [1]
من أشكال المقاومة اللاعنيفة: الاحتجاج والإقناع بما يشمل المسيرات والاعتصامات. كذلك عدم التعاون، والتدخّل غير العنيف من قبيل عمليّات الحصار. [2]
يقول الأمين العام للأمم المتحدّة أنطونيو جوتيريتش: " كان للكراهيّة والانقسام والصراع يومهم. حان الوقت للدخول في حقبةٍ جديدةٍ من السلام والثقة والتسامح. ي هذا اليوم الدولي للاعنف- عيد ميلاد غاندي-، دعونا نستمع لرسالته من أجل السلام، ونلتزم ببناء مستقبل أفضل للجميع". [3]
حلم الإنسان في أي بقعة من الأرض هو العيش الكريم، هذا الشيء الذي نتفق عليه مهما تعددت وتنوعت عقائدنا والأفكار التي نؤمن بها والمذاهب التي نتبّعها.
جميعنا نحلم بالمستقبل الآمن، في الحقيقة جميع أحلامنا تعتمد على الاستقرار والسلام، لأن الحرب ليست مكاناً للإبداع بل مرتعٌ للنجاة، يصبح إنجازك الأهم في اليوم هو أنّك على قيد الحياة.
مهاتما غاندي رفع شعار "الوسائل العادلة تفضي إلى غاياتٍ عادلة" [2]، لذلك علينا من خلال الاحتفال باللاعنف وعيد مولده أن ننشر الوعي حول مبدأه.
من خلال الحملات والمسيرات والندوات التي نقيمها لنضيء على الأحداث الكبيرة والصغيرة. من استخدام السلاح لتحقيق الغايات في الحروب والشوارع، وصولاً لمخاطر الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة. نشر معتقدات وأساليب زعيم السلام مهاتما غاندي.
في كل حربٍ نجد الكثير من الخسائر الجانبيّة، البشريّة منها والماديّة. وكذلك في كل حرب نرى أن قصص هؤلاء لا ترى الضوء، يمكننا أن نسلط الضوء على قصص هؤلاء، نتحدث عن حيواتهم وعائلاتهم التي خسرتهم بسبب العنف. ونسعى بكل الوسائل لكيلا تضيع حياتهم ولا تتكرر قصصهم.
المرأة في كل حرب تخسر، سواء تفقد ابنها أو زوجها، أو تتحمّل مسؤوليّات إضافيّة لا يجب أن تقع على عاتقها. وكذلك في أوقات السلم، تسقط المرأة ضحيّة أشكال أخرى من العنف، سواء المنزلي، في مكان العمل، حتّى في الشارع.
وخلال مسيرة مقاومة النساء لجميع أشكال العنف الأخرى، نجد أنّها وضعت نصب عينيها السلام. كما أنها استعملته كأداة، فهي لم ترفع السلاح في وجه الرجل وإنّما خرجت في مسيرات وحاربت ضمن المحكمة وباستخدام القضاء لتحصل على حقوقها.
لا تحاول المرأة الاستيلاء على العالم، فقط أن تحصل على حقّها. ألّا تخسر الكثير من دون سبب منطقيّ. مهمّة السعي للوصول لعالم يتبّع اللاعنف مبدأً مهمّةٌ صعبةٌ ولكنّها ليست مستحيلة. وتطبيقها يتطلّب من جميع أفراد المجتمع مهما كان الجنس و الدين والمعتقد أن يحافظوا عليه هدفاً لهم.
في الحقيقة اليوم العالمي للاعنف يحمل في طيّاته الكثير من الأحلام. لأنّ من يتبّع اللاعنف مذهباً، يستطيع وبكلّ ثقةٍ أن يرى حقوق الآخرين، ويحترم حريّاتهم.
وهذا كل ما نحتاجه لنعيش منسجمين متعاونين في مجتمع ٍ واحدٍ يحترم المرأة والرجل، يكرّم الطفل والعجوز. لكلّ حقّه وحريّته، والسلام هو ما يقود مجتمعاتنا.
في مبادرة Uplifting Syrian Woman نرى بأن اللاعنف ومذهب الزعيم مهاتما غاندي يتطابق مع أهدافنا، ويتحد مع الأصوات التي نسعى لرفعها. ومن خلال اللاعنف نحافظ على كرامة المرأة بشكل خاص والإنسان بشكل عام. ونذكّركم بأننا جميعا خلال انتشار وباء COVID_19 واجهت جميع المجتمعات نفس الصعاب، وتمكننا من التغلّب على معظمها بالتعاون.
اقرأ أيضاً:
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
المصادر
[1] أخبار فريدة
[2] UN
[3] أخبار مصر