أمرٌ يسيرٌ أن تعيش الحياة لمجرد أنّها حياة تمضي، لكن الصعوبة تكمن في أن تحيا وتعيش الحياة كما يجب. أيّ أن تبدأ يومك وأنت مصرٌّ على البحث والسعي لفهم الموجودات كلها من حولك. وأن تسعى لتحقيق رغباتك وطموحاتك، وتلاحق الشغف الذي يقودك للنجاح والإنجاز.
قصتنا اليوم عن السيدة "منار عبود": فتاة تحيا كما تستحق، فهي تسعى دون كلل، وتؤمن أنّ كونها الداخليّ ينطوي على عالم أكبر تكتشفه يوماً بعد يوم.
تصف "منار عبود" نفسها بأنّها إنسانة في رحلة سعي وتعلم مستمرة وتفاعل مع الموجودات. فمنذ صغرها راودتها الأسئلة الوجودية عن الإنسان والكون والحياة والله وغاية الوجود على هذه الأرض.
لطالما تمنت "منار" أن تكون الفرصة متاحة لجميع الناس كي يفصحوا عن حقيقتهم أمام ذواتهم والآخرين في حدث أو مكان ما. إضافةً إلى تقديم الدعم الكافي حتى يستطيع -هؤلاء الناس- تلبية حاجاتهم بأنفسهم، ويكونوا صانعين للتغيير، وقادرين على قيادة أنفسهم وتطوير ذواتهم.
ولأنّ "منار عبود" تدرك أنّ نقطة الضعف لدى الغالبية من البشر تكمن في جهلهم -وإنكارهم حتى- لمواضع القوة لديهم، وتجاهلهم للأمور التي تحتاج إلى التغيير والتطوير في شخصياتهم، فقد حرصت على الانضمام لكلِّ عملٍ تطوعيّ وإنسانيّ. ولكلِّ مساحة وورشة تعليميّة وفعالية تُغني فيها خبراتها الحياتيّة و تصقلها. وذلك إلى أن جاء اليوم الذي قرّرت فيه تتويج هذه الخبرات بتأسيس مبادرة "ضيعتنا" بعد رحلة تدريب لليافعين على برنامج عالمي، قرّرت خلالها الاستفادة من حصاد السنين الماضية وخبراتها.
أمّا عن انطلاق العمل بمبادرة "ضيعتنا"، فتقول منار: "بدأ العمل بشكل رسميّ عام 2016 مع مجموعة من الأصدقاء الذين كانت لهم مساهمات فعّالة وخبرات جيدة. وانضم لاحقاً للمبادرة أشخاصٌ يشاركوننا الرؤية والشغف والهمّ الإنسانيّ".
وتضيف واصفةً الرؤية العامّة لمبادرة "ضيعتنا": "القيام بدور فاعل في بناء مجتمع إنساني، وكون الدافع المحرّك وراء كلّ تغيير هو إيمان الإنسان بنفسه واقتناعه بأنّ مفتاح التغيير يبدأ من ذاته. وذلك من خلال تبني قدراته على معرفة نفسه ومحيطه وأدوات عمله، لكي يستطيع تحقيق المستحيل".
وفيما يتعلّق بمنهجية عمل المبادرة، فهي تقوم على التمكين المعرفي والاقتصادي والاجتماعي. وذلك من خلال تصميم برامج متخصصة وفعاليات وأندية تساهم بكلّ نوع من أنواع التمكين.
ترى "منار" في عائلتها بأنّها كانت الداعم الأول لها وما زالت حتى هذا اليوم داعم كبير. ففي أيّ قرار أو سلوك يصبّ بعملها الإنساني، كانت العائلة إلى جانبها، إضافةً إلى كثير من الأصدقاء المؤمنين برسالتها.
ومن الداعمين أيضاً، شريك حياتها الذي تعرّفت إليه عام 2018. فهو من جعلَ الدافع مضاعفاً لدى "منار" لامتلاكه الشغف والهمّ الإنساني نفسه. وبعد أن تزوجا، أضاف من خبرته العلميّة والإنسانيّة، فكان سنداً لمنار في العمل.
تعتقد "منار عبود" أنّ ما يميّز مبادرة "ضيعتنا" هو الشعور بأنّها "عائلة واحدة". إذ أنّ باب الانضمام مفتوح لكلّ من يود أن يتعلم. علماً أنّها المبادرة الأولى التي بدأت في الريف وما زالت مستمرة حتى الآن. كما تمّ ترخيص "ملتقى ضيعتنا الثقافي" ليكون الكيان الرسميّ والمظلة للعمل.
تستهدف المبادرة كلّ الفئات العمرية والمجتمعية، هذا ولم يتمّ اختيار اسم القرية التي انطلقت منها المبادرة إيماناً بفكرة أنّ "الإنسانية قرية واحدة".
أمّا عن أهداف المبادرة، أكدّت منار على كونها: "أهداف مرحلية وبرؤية بعيدة، مع السعي للاستمرار وعدم التوقف عند حدّ معيّن وأن يكون الأثر أوسع، وبأن تكون هذه المبادرة ابتسامة المهموم ودواء للموجوع".
"كن حقيقيّاً في كلّ شيء، فتتجلى لك حقيقة كلّ شيء": نصيحة توجهت بها "منار عبود" لكلّ شخص يملك الطموح ويسعى لتطوير ذاته، ويؤمن بقدراته ويعتقد أنّ التغيير للأفضل يبدأ حتماً من داخل الإنسان.
اقرأ أيضاً: