قصة نجاح: رؤى حمزة
"من الألم بيخلق الأمل " بهذه الجملة اختصرت رؤى حمزة، بطلتنا السورية في هذا اليوم، قصة نجاحها، وقالت: "لترك أثر في هذه الحياة؛ لا بد من أن نندفع بالشغف وفي يدنا الرسالة التي نسعى لإيصالها بطريقتنا الخاصة".
رؤى الفتاة المحبة للحياة والمتفائلة برغبتها في غدٍ أجمل، كأي فتاة يتملَّكها التسرُّع والعصبية في بعض الأحيان، ولكن سرعان ما تعود لتنطلق بكل ثبات وثقة وخطوات مدروسة في طريقها لصعود سلم النجاح.
اختارت رؤى أن تترك بصمتها في مجال التقديم الإعلامي بما تملك من أحاسيس ومشاعر لتشاركها مع الناس، ولتترك أثراً إيجابيّاً في قلوب كل شخص بحاجة إلى دفعة أمل، وتشجعه على المضي قدمًا في طريقه.
كان شغفها في الإعلام يرافقها منذ الطفولة، ولكن للأسف لم تستطع أن تدخل هذا المجال أكاديميّاً بسبب خطأ طبيٍّ تعرضت له عام 2010، وقد كان هذا الخطأ كفيلاً بجعلها تشعر باليأس والإحباط ويبعدها عن أحلامها وأمنيات حياتها. لكن بدعم أسرتها وبفضل الإيمان والإرادة التي تمتلكها بطلتنا؛ قررت أن تبدأ من جديد.
مع بداية عام 2011 قرَّرت أن تدرس إدارة أعمال لأنها تلائم حالتها الصحية ولقرب مقر الجامعة من منطقتها السكنية. وبسبب الحرب التي مرَّت بها سورية وبسبب بُعد منطقتها عن مركز المدينة ولأن إدارة الأعمال لم تكن رغبتها وطموحاتها؛ درست عاماً واحداً في مجال إدارة الأعمال وتركته في بداية عام 2012.
لكن لم يوقفها ذلك الأمر عن المضي في طريق حلمها مهما ابتعد؛ فكانت عام 2013 من المؤسسين لمشروعٍ خاصٍّ لأصحاب الهمم في منطقة صحنايا، والذي كان تحت عنوان (حقن نوقف حدن) تحت مسمى (سبت الأمل)؛ وهو مشروع ترفيهي وتعليمي يقدم خدمات ترفيهية ومعالجة فيزيائية. استمرت في هذا المشروع مدة 7 سنوات، وفي خلال هذه الفترة؛ شاركت في تدريبات لكيفية التعامل مع ذوي الهمم في مركز (همس للطفولة)، لتحصل لاحقاً على شهادات خبرة من مركز (همس للطفولة) ومبادرة (سبت الأمل).
في عام 2016؛ أتاحت مبادرة (عدسة سلام) فرص تدريب في مجال الصحافة والإعلام وصناعة الأفلام والتصوير، وكانت رؤى من الأوائل في مجال الصحافة والإعلام، ومن هنا بدأ حلمها يتحقق عندما أُتيحت لها فرصة تدريب إذاعي في إذاعة (شام FM) تعلمت فيها مبادئ التحرير، وحصلت على شهادة خبرة مدة شهر ونصف، بعدها عملت في مواقع إلكترونية. ثم في عام 2019؛ انتقلت إلى برنامج مرئي كان الأول من نوعه مع الأستاذ (ماهر شبانة)، برنامج (مفاتيح الهمم) على منصات التواصل الاجتماعي الذي يسلط الضوء على إبداعات أصحاب الهمم ونجاحاتهم والصعوبات التي تمر بهم وحلولها، وانتشر البرنامج محليّاً وعربيّاً وعالميّاً.
استمرَّت حتى عام 2020 إلى أن أتت الفرصة الحقيقية لتنضم إلى مجال الإعلام رسميّاً بإذاعة (فرح FM) مع زميلتها (أليسار أحمد) في أول برنامج يطبق مفهوم الدمج في مجال الإعلام السوري لموسمين على التوالي في برنامج (إلا ما يتغير شي). ومؤخراً عام 2021 بدأت ببرنامجها الخاص (تاء مربوطة) الاجتماعي النسوي على إذاعة (فرح FM)؛ وهو برنامج يتحدث عن تمكين المرأة السورية ويسلط الضوء على همومها ومشكلاتها.
مرت رؤى بالعديد من الصعوبات التي يمر بها أصحاب الهمم بداية بعدم تخديم البِنى التحتية، وعدم وجود مصاعد كهربائية أو "الرمبات" لتسهل ممارسة أعمالها، إضافة إلى الثقافة المجتمعية مثل عدم التقبُّل والأحكام المسبقة الظالمة لشريحة أصحاب الهمم، كل ذلك كان يقف عائقاً للممارسة نشاطاتهم في المجتمع، وأيضاً عدم تكافؤ الفرص المهنية والتعليمية، والعديد من العقبات والمشكلات.
واجهت رؤى كثيراً من الصعوبات عند تعرضها للخطأ الطبي والتأقلم مع وجود كرسي متحرك، لكنها أصرت أن تكمل المضي بعزيمة وإيمان بنفسها وقدرتها، وأن تطور من شخصيتها وتفرض وجودها وآراءَها، وأن أية عقبة لن تقف في طريقها، وذلك في قولها: "من الصعب جدّاً تقبُّل أن تكون بكامل صحتك، وفجأة ترى نفسك عبئاً على غيرك، لكن بفضل الله بالدرجة الأولى وأهلي وأصدقائي المقربين أصبحت قادرة على تجاوز الظروف كلها".
كان لرؤى داعم أساسي هو عائلتها، وكانت قادرة على فعل الكثير ولم تستسلم بل أصرت ومضت في طريقها، ولكن كل إنسان بحاجة إلى الدعم وخاصة من ذوي الهمم من الشباب والشابات ليستطيعوا صنع النجاح، وأن السعادة والتفاؤل والأمل تنبع من داخل الإنسان نفسه، هكذا تؤمن رؤى، وهذا ما تودُّ المشاركة فيه بكلمات بسيطة لتنشر تجربتها، ربما تعطي الأمل وتكون هي الداعم لشخص ما. وبرأي رؤى: "الناجح لا يكتفي بالتفكير بالحلول وتجاوز العقبات، بل يحاول التعلم من الدروس والتجارب التي مر بها ليصنع الإنجازات، ويكون مصدر إلهام وتحفيز وقوة للآخرين، ولا يكتفي بل يستمر بعطائه وشغفه وطموحه."
إن رؤى مستمرة بوضع الأهداف في طريقها ومستمرة بالتقدم نحوها، بتطوير نفسها وقدراتها، لتخوض المزيد من التجارب الجديدة والمميزة، ولا تعرف أحلامها حدوداً، وحلمها الأكبر والأهم هو الشفاء.
وعدتنا رؤى ووعدت كل من يحبها بأعمال جميلة قادمة تعمل عليها قريباً. وفي النهاية شكرت رؤى المبادرة على محاورتها، واختيارها لتكون من قصص النجاح، لتتمكن من مشاركة تجربتها لتنشر الأمل والحب. وتمنت النجاح والتألق للمبادرة لما لها من دور في النهوض بالمرأة وتعزيز مكانتها ودورها في المجتمع.
اقرأ أيضاً: امرأة من التاريخ- ثريا الحافظ.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.