ألفة الإدلبي هي كاتبة سورية من مدينة دمشق، وهي واحدة من أهم الشخصيّات الأدبيّة في سوريا والعالم العربي بشكلٍ عام.
أغنت أعمالها، من شعر وقصص وروايات، التاريخ السوريّ بذخيرة أدبيّة مميزة، كما تحول البعض منها لمسلسلات وأفلام. فكانت تلك الشابة الواعدة المُحبّة للأدب، والتي أمضت الكثير من وقتها في هذا المجال حتى أصبحت امرأة ناضجة مثقفة ومطّلعة على أعمال الأدب العربي والعالمي.
كانت تعتبِر أنّ الأدب مرآة الواقع، وأداة التغيير في المجتمع. كما كانت بعض أعمالها تتناول قضايا المرأة وحقوقها في المجتمع، وقد نالت تلك الأعمال إعجاب الجمهور العربي. كما حظيت ألفة بشهادة الكثير من الأدباء السوريين ككاتبة ملهمة ومؤثرة في الوطن العربي.
ألفة عمر باشا الإدلبي هي كاتبة سورية، ولدت في عام 1912 في دمشق - حي الصالحية. كانت الابنة الوحيدة بين خمسة أخوة ذكور. والدها عمر باشا الأدلبي الذي يعود نسبه إلى عائلة دمشقيّة أصيلة، وأمها نجيبة الداغستاني التي يعود أصلها الى أسرة داغستانية. أمّا جدها محمد الحلبي فقد عاش في داغستان حتى نفاه السلطان العثماني محمود الثاني وقسره لمغادرة وطنه واستقرّ في سوريا.¹
في عمر التاسعة أصابتها الحمى التيفية وعانت منها، حتى أنّها تأخرت بالالتحاق بالمدرسة سنةً كاملةً بسببها. ثمّ التحقت بمدرسة "العفيف" التي كانت بجانب بيتها. برزت موهبة ألفت الإدلبي بعمرٍ صغير، من خلاب حبّها للدراسة وتفوقها فيها.
نالت في عام 1927 شهادة الابتدائي. وانتقلت بعدها إلى دار المعلّمات وتلقت تعليمها فيها على يد كِبار الأساتذة مثل صادق النقشبندي ومحي الدين السفرجلاني. وكانت هذه المدرسة تضمّ عدد قليل من الطلاب والطالبات في كلّ صف.
أحبّت ألفة الأدب منذ الصغر، كما تنبأ أحد أساتذتها بأنّها ستصبح أديبة، فكان ذلك حقاً. علاوةً على تفوقها في المدرسة فقد كانت قارئةً نهمة وكثيرة الاطّلاع على الكتب الموجودة في مكتبة والدها. وبعد إنجاب طفلها الأول في عام 1932 مرضت لمدة عام، وبقيت في هذه الفترة تروح عن نفسها ومرضها بالمطالعة والمعرفة.
قرأت كتب الأدب العالمي والعربي مثل مؤلفات ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران وطه حسين وغيرهم. وقد ساهم ذلك بتشكيل أسلوبها في كتابة القصص والروايات، والذي كان مميز وبسيط.
منت ألفة الإدلبي بالأدب كوسيلة تستطيع من خلاله تحسين المجتمع في الوقت الذي كانت فيه دمشق تعاني من ويلات الاحتلال وبداية التوجه نحو محو الأميّة. إذ انتشرت في تلك الفترة محبّة العلم والاطّلاع على ثقافات الشعوب الأخرى. فبرز في ذلك الوقت أدباء كِبار وسطع ضوء ألفة الإدلبي بما تركته من قصص ودراسات أدبيّة وروايات.
انتسبت الأديبة للعديد من الجمعيات الخيريّة والثقافيّة، كجمعيّة الدوحة وجمعيّة الندوة. حتى أنّها كانت تقيم ندوات شهريّة في منزلها تجمع فيها أدباء دمشق وأديباتها ومثقفيها ويتبادلون الآراء والأفكار من خلالها.²
بدأت بإنشاء إرثها الأدبي بكتابة أول قصّة لها عام 1947 بعنوان "القرار الأخير". وتوالت بعدها الإنتاجات الأدبيّة، فأصدرت في عام 1953 قصّتها الثانية "الدرس القاسي"، والعديد من المؤلفات الأخرى مثل: "المنوليا في دمشق" والمجموعة القصصية "يضحك الشيطان" ورواية "حكاية جدي".
وقد لاقت أعمال ألفة الإدلبي في ما بعد شهرة عالميّة وانتشرت بلغات أخرى كالإيطالية والإسبانية والألمانية والروسية.³ كما تمّ تدريس البعض من قصصها في العديد من الجامعات العالميّة.
فازت عام 1947 بجائزة الإذاعة البريطانية عن أفضل قصّة عربية عن مجموعتها القصصية "قصص شامية". كما نشرت مجلة "الرسالة" المصرية قصّتها "الدرس القاسي".
قد نالت أعمالها استحسان كِبار الأدباء الذين شهدوا على براعة ألفة الإدلبي. نذكر منهم الأديب المصري محمد المندور الذي قال عن مجموعتها القصصية الأولى: "هذه القصص طراز خاصّ وخاصيّة مستقلة".
قال الأديب مارون عبود عنها: "أنا أؤمن بالذاتية وعلى هذا الأساس بنيت تقديري لها".³
كانت ألفة من أوائل من حملن راية النسوية في سوريا، ومن النساء القلائل اللواتي استطعن إثبات مكانة المرأة في المجتمع وفي التعلّم وحقّ العمل آنذاك. فرأت أنّ المرأة ليست فقط الأمّ بل تسطيع أن تعطي من ذاتها للعمل والدراسة وحبّ العلم والأدب.
كما اختصتّ بذكر مشاعر المرأة في جزء كبير من كتاباتها في عهد الاحتلال الفرنسي. ففي رواية "دمشق يا بسمة حزن" التي تناولت من خلالها محور الثورة والمرأة والمجتمع مع التركيز على المرأة ومعاناتها. إذ كانت بطلتها فتاة اسمها صبرية، الفتاة المثقفة، الطموحة والتي عانت من تعصّب أبيها وأخويها في وقت لم يكن يسيراً على النساء بشكلٍ عامّ.
تحولت الرواية عام 1992 إلى مسلسل بعنوان "بسمة حزن". وفي عام 2008 تمّ تحويلها إلى فيلم يحمل نفس العنوان وقد لقيا نجاحاً ملحوظاً آنذاك.⁴
قالت ألفة الأدلبي عن المرأة: "أفليست المرأة منبع الإلهام الحقيقي، وسحر الوجد، وغبطة الأزمنة؟!"
إنّ ألفة الإدلبي من النساء المميّزات في خمسينيات القرن الماضي، وشهد على براعتها كِبار الأدباء في سوريا ومصر. كما أنّها دافعت عن حقوق النساء في سوريا وأكدت على ضرورة مشاركتهنّ في مسار التعلّم والعمل.
اقرأ أيضاً:
المصادر