Uplifting Syrian Women

Homelessness

ما هو مفهوم التشرد وكيف يمكننا أن نحد منه؟

"المشردون هم ليسوا أشخاص غير لائقين اجتماعياً. إنهم أناس بلا منازل."
-شيلا ماكنكي ناشطة إسكان دولية. [1]

ما هو تعريف مفهوم التشرد؟

يقصد بمفهوم التشرد افتقاد الأشخاص لمكان إقامةٍ ليليٍّ ثابت ومنتظم وملائم، وتعتبر هذه الظاهرة من أخطر الظواهر التي تؤرق المجتمعات حول العالم، وذلك لما لها من تداعياتٍ على المجتمع بشكل عامّ وعلى الأشخاص المشرّدين بشكل خاص، إذ أن فضاء الشارع واضطرابه فضلاً عن فضاء البيت واستقراره يعدّ في الغالب إكراهاً وليس خياراً بالنسبة لهؤلاء الذين أعيتهم مصاعب الحياة حتى أضحت الطرقات موطناً دائماً لهم. [2]
وفي المرة الأخيرة التي حاولت فيها الأمم المتحدة إجراء مسح عالمي عام 2005، كان هناك ما يقدر بنحو 100 مليون شخص بلا مأوى في جميع أنحاء العالم، وما يقارب 1.6 مليار شخص يفتقرون إلى السكن الملائم. [3]

وعلى مدار سنوات الحرب السورية انتشرت هذه الظاهرة ملقية بتداعياتها على المجتمع، بدءاً من الأطفال الذين فقدوا إحساسهم بالأمان وأصبحت الشوارع والحدائق ملجأً لهم يفترشونها ويعملون فيها، الأمر الذي يعرضهم للعديد من المخاطر كالاستغلال والعنف والحرمان من التعليم.
كما أن ظاهرة التشرد لم تقتصر على القاصرين فحسب، وإنما تعدتها لتطال البالغين غير القادرين على إيجاد عمل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، الأمر الذي سبب ازدياد نسبة التسول والمشكلات الاجتماعية.
مما يضعنا أمام تحدٍّ كبير ومسؤولية مجتمعية تتطلب أن يقوم كلٌّ منا بدوره بهدف الحدّ من آثار ظاهرة التشرد قدر المستطاع.

كيف يمكننا الحد من ظاهرة التشرد؟

قبل أن ننتقل إلى الحديث عن دورنا كأفراد، سنسلط الضوء على النشاطات المجتمعية التي تساهم بطريقة أو بأخرى في التعامل مع ظاهرة التشرد للحد من مخاطرها على الفرد والمجتمع، فاليوم أصبح لدينا العديد من الجمعيات المحلية المعنية بإقامة دورات مهنية للسيدات والرجال من الفئات المهمشة والمستضعفة بهدف تمكينهم ومساعدتهم على إيجاد عمل يحقق لهم دواعي الاستقرار.

كما تعمل بعض الجمعيات الخيرية على تقديم الدعم الاجتماعي للمواطنين والعائلات الأكثر احتياجاً، والمواءمة بين مهارات وخبرات الأفراد مع سوق العمل، ومكافحة ظواهر التسول وعمالة الأطفال واستغلال النساء.
علاوةً على ذلك، تلعب حملات التوعية التي تنشأ بمبادرات فردية أو مجتمعية أهمية بالغة في نشر الوعي حول ظاهرة التشرد، يمكننا ذكر حملة "فيك تساعد" التي حدثت عام 2019 في مثل هذا الشهر "نيسان" في دمشق وريفها بهدف توعية المجتمع بآلية التعامل مع الأطفال المشردين والمتسولين. [4]

مع كل ذلك ما زال لدينا الكثير لنقوم به، فقد نسمع الكثير من العبارات المتداولة حول دورنا في مشكلة التشرّد على سبيل المثال: "ما باليد حيلة"، وربما نختلف مع هذه الآراء أو نتفق معها نسبياً، لكن بالعودة إلى دورنا كأفرادٍ نجد أن هناك العديد من الحقائق تجبرنا على النظر مجدداً في هذا الأمر، أولها النظرة الدونية للشخص المشرد، إذ قد ينظر البعض إلى المشردين على أنهم أقل شأناً، أو سببٌ في المشكلات الاجتماعية.
فمن الأفضل هنا أن نذكر أنفسنا أن هؤلاء الأشخاص مجبرون و ليسوا مخيرين وجدوا أنفسهم في هذا الطريق وإذا غيرنا نظرتنا الشخصية تجاههم نكون قد ساعدناهم بطريقةٍ ما.

وبالانتقال إلى "محيطنا الاجتماعي" فبضع كلمات هنا وهناك لتغيير هذه النظرة خلال أحاديثنا ونشاطاتنا اليومية قد تملك أثراً حيويّاً في تغيير نظرة المجتمع ككلّ تجاه المشردين، وبالتالي تشكيل حماية مجتمعية تنعكس على الأفكار والآليات المتبعة للتعامل مع ظاهرة التشرّد، مع ابتكار أفكارٍ وآليات جديدة.
إن إيماننا بقدرة وتميُّز كلّ فرد في المجتمع وأهمية دوره إذا توفرت له الظروف المناسبة، وتغيير هذه النظرة السائدة يساهم في وضعنا في بداية الطريق الصحيح للتعامل مع ظاهرة التشرد، فتبدأ المراحل التالية من الحملات المجتمعية ومحاولات الربط بين المؤسسات المعنية والجمعيات والمشردين.

انطلاقاً من هدف مبادرتنا الأسمى وهو بناء سلام مستدام في سورية، أردنا تسليط الضوء الضوء على هذه المشكلة، لأن بناء السلام لا يمكن أن يتم إلى من خلال مراعاة كافة الفئات في المجتمع والارتقاء بها.

♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.