من من نساء سورية الرائدات استحقت لقب "أميرة الرائدات العربيات في القرن العشرين"؟
عادلة بيهم الجزائري، رائدة الحركة النسائيّة في سوريا وحاملة لقب "أميرة الرائدات العربيات في القرن العشرين" [1]
لا يمنح من قبل باحثين تاريخيين إلا إن كان لصاحبة هذا اللقب إنجازات عظيمة وحقيقية.
في زمن اعتادت النساء لأن تنظر فيه لحقّها في التعلّم، والعيش الكريم كإحسانٍ وليس حق، ظهرت امرأةٌ لم تكتف بأن تأخذ حقوقها بل حاربت لتعطي أكبر قدرٍ ممكن من النساء حقوقهنّ.
ولدت عادلة بيهم الجزائري في بيروت عام 1900 في منزلٍ مثقّف ومتنوّر. [2]
ونالت قسطها من التفاعل المجتمعي في زمنٍ شهد الاحتلال العثماني في آخر أيّام عزّه والطغيان التركي في أشدّه.
خلال نشأتها ضمن أسرة مثقّفة تحترم الفكر تلّقت تعليمها في معهد "الدياكونيز" الألماني وكان أستاذها في اللغة العربيّة العلّامة الشيخ عبدالله البستاني. [2]
تزوّجت من الأمير عبد القادر الجزائري واتّخذت من دمشق مسكناً لها وعاشت فيها. [2]
أنجبت ولدين أمل وزين العابدين. [3]
ولكن ذلك لم يوقف عزم عادلة بيهم على المقاومة بل عززّه آملاً بأن تترك العالم أفضل لأبنائها.
لجأت إلى الصحافة والأدب لتحارب المحاولات الاستعمارية لطمس اللغة العربيّة ومحاولات التتريك والفرنسة فيما بعد، وكذلك لتقاوم كل أشكال الاضطهاد والعنف. كتبت سطوراً من النضال ضد الظلم وسلب الحقوق بشكل عام، وناشدت بحقوق المرأة بشكل خاص.
لم تكتف بالنضال على مستوى محليّ بل توسّعت أعمالها لتشمل العالم العربي والدوليّ، لتكون مقصد الكثير من المناضلين وروّاد التحرر بهدف التعاون لتحقيق الهدف الموحّد.
شاركت منذ عمرٍ صغير في المسير نحو الهدف الأسمى. اندفعت وهي ابنة الستة عشر عاماً كمتطوعة لخدمة المنكوبين تقدم لهم الغذاء والدواء والكساء، وانخرطت في مجتمع أنهكه الانحطاط والاستبداد عبر الجمعيات السرية تنادي للعروبة. [3]
نالت عادلة العلم في مجتمع لمّا يؤمن بعد بأهميّة تعليم المرأة أو حتّى ضرورته، لذلك وفي عام 1915 أسست مع رفيقاتها المناضلات جمعيّة "يقظة الفتاة العربيّة". [2]
كان هدفهنَّ نشر الوعي القومي والعربي النسوي، والمطالبة بتعليم الفتيات اللواتي حالت الظروف بينهم وبين تعليمهنّ. كتبت عادلة بيهم الجزائري مقالاتها في جريدتي الفتى العربي والمفيد، ووقّعتها تحت اسم " الفتاة العربيّة".
أمّا في عام 1916 ترأسّت لجنة تشرف على دار الصناعة، شاركت في تقديم وجبات مجانية لحوالي 1800 عاملة يعملن في صناعات عدة كالنسيج والغزل والأشغال اليدوية. [3]
ثمّ في عام 1920، ومع احتدام الأوضاع من احتلال فرنسي لحرب ميسلون، ركّزت كامل جهودها في المطالبة بالاستقلال التام للبلاد العربيّة لذلك وقفت عادلة بيهم إلى جانب المقاومة بكل الوسائل المتاحة تلك التي استطاعت الإفصاح والكتابة عنها، وتلك اتخذت السريّة ستاراً لها.
شاركت في الكثير من المظاهرات، وساهمت في تأمين الغذاء والكساء والعلاج للثوّار المناضلين. بالرغم من نيران الاحتلال والانتداب وعدم الاستقرار على جميع الجبهات، لم تغفل عادلة بيهم الجزائري عن حقّ المرأة -تلك الطرف المستضعف- وحاربت خلال النزاعات وخلال الانتصارات لتحصل المرأة على حقوقها.
خلال السنوات التالية أسست بمساعدة نظيراتها من المناضلات الكثير من الجمعيّات والمنظّمات، وافتتحت المدارس. ألقت الندوات وساهمت في حوارات مع مناضلين ورؤساء جمعيّات أخرى حول إفساح المجال للمرأة لتأخذ مكانتها المستحقّة من المجتمع بكامل الأعباء المترتّبة على ذلك، سواء أكانت الاقتصاديّة أم العسكريّة أم المجتمعيّة.
وضعت نواة الاتحاد النسوي العربي وانتخبت رئيسة له، وذلك لإتقانها اللغتين الفرنسيّة والألمانية. طالبت عادلة بيهم الجزائري بحق المرأة في الانتخاب، والتصويت والترشيح.
رفعت مذكّرة للرئيس جمال عبد الناصر طالبت فيه بإعداد المرأة عسكريّاً. مثّلت سوريا في لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدّة أكثر من مرّة. [1]
تلك الفترة الزمنيّة كانت مليئة بالنضال والاندفاع لنيل كامل الحقوق استعادة كامل الأراضي، وتحرير كل الموقوفين. لذلك اندفعت جميع المناضلات بحثاً عن وسيلة لتُسمع أصواتهن، وأكثر من ساند عادلة بيهم الجزائري في نضالها كانت ابنتها أمل الجزائري. وذلك لأنّها وقفت إلى جانب أمها وكانت رفيقة دربها بل وأكملت مسيرة النضال من بعدها. ثم كان هناك بالطبع نازك العابد، المناضلة العظيمة التي وقفت في وجه كلاً من الاحتلالين العثماني والفرنسيّ. وسيّدات المجتمع المثقّفات كالسيّدة “بديعة أورفلي” “جيهان الموصلي” “ريمة كرد علي العظمة” “سعاد حلبي” “ألفت إدلبي” وأخريات كثر من أديبات ومقاومات. [1]
في عام 1975 نالت السيّدة عادلة بيهم الجزائري وسام الاستحقاق السوريّ من الدرجة الممتازة تقديراً لأعمالها ونضالها في مجال حقوق المرأة ونهضة المجتمع المحلّي. ترافق ذلك مع إقرار العام الدوليّ للمرأة، ولكن المنيّة قد وافتها قبل تسلّم الوسام فتسلمته نيابة عنها ابنتها وشريكتها في النضال الاجتماعي السيدة أمل الجزائري هواش خلال الحفل التأبيني الكبير.
ذلك الحفل الذي أقامه الاتحاد النسائي لها على مدرج جامعة دمشق بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاتها. [3]
وتخليداً لذكرى السيّدة عادلة بيهم الجزائري أمر الرئيس حافظ الأسد بإطلاق اسمها على ثانوية البنات الجديدة في حي المهاجرين بالقرب من مكان سكنها سابقاً. [2]
ونحن في مبادرة Uplifting Syrian Women ننظر لمسيرة عادلة بيهم الجزائري النضاليّة وننظر لواقع الحال في الوقت الحاضر نجد أنّ جهودها وجهود أمثالها التي بذلت في سبيل أن نصل إلى ما نحن عليه لا يجب أن تضيع مع الرياح. لذلك نسعى من خلال منصّتنا أن نساهم في دفع القافلة وتوجيه المسير نحو الأهداف التي رسمتها جهودهن.
اقرأ أيضًا: جوليا دومنا.
♀ مبادرة (Uplifting Syrian Women) هي مبادرة تسعى إلى بناء سلام مستدام في سورية من خلال التركيز على النساء ومساعدتهنَّ عن طريق تقديم دورات وورشات عمل ومناقشات وتدريبات مجانية عبر الإنترنت؛ وذلك بهدف تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين والتعليم الجيد وتحسين الوضع الاقتصادي، والتي تصب في صالح المجتمع عامةً وتخدم غرض إعادة بنائه.
المصادر
[1] SWD
[2] Marefa
[3] Wikipedia