هل تعتقدون أن الصحة الجسدية أهم من الصحة النفسية؟ وهل تعلمون عدد الناس الذين ينهون حياتهم بسبب اضطرابات تتعلق بالصحة النفسية؟ وهل اليوم العالمي للصحة النفسية حقاً موجود؟
قد يظن البعض أن الصحة تقتصر على الصحة الجسدية وحدها دون الصحة النفسية. متناسين أننا بشرٌ نشعر أولاً ثم نفعل، أي أننا كائناتٌ تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على مشاعرها وأفكارها. فرغم أن الجروح الجسدية قد تتعافى وتزول إلا أن الأذيات والصدمات النفسية ترافق الإنسان لوقتٍ طويل.
الصحة النفسية حقٌّ أساسيٌّ وهامٌّ من حقوق الإنسان. وتعرف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية على أنها حالةٌ من الرفاه النفسي. يكون الفرد فيها قادراً على مواجهة ضغوطات حياته، واتخاذ قراراته ويكون فرداً فعالاً في مجتمعه يستطيع المساهمة فيه. وأيضاً يكون قادراً على التعلم والعمل بشكلٍ جيد. إضافة إلى ذلك، فالصحة النفسية لا تعني فقط غياب الاضطرابات النفسية. [1]
الأمر أكبر وأكثر تعقيداً من ذلك، لأن مسببات الأمراض والاضطرابات التي تصيب الصحة النفسية عديدة. وتشمل العوامل الخارجية كالظروف الاجتماعية، والاقتصادية بالإضافة إلى عوامل وراثيةٍ وبيولوجية. كما أن الصحة النفسية تؤثر بشكل كبير على الصحة الجسدية. لذلك تم تخصيص يومٍ للتذكير بأهمية الصحة النفسية حول العالم.
اليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أوكتوبر كل عام. وبدأ هذا الاحتفال لأول مرة عام 1992 بمبادرةٍ من الاتحاد العالمي للصحة النفسية (WFMH). كما أن منظمة الصحة العالمية (WHO) تقيم حملةً عالميةً ليوم الصحة العالمي سنوياً وذلك منذ عام 2013. وتقيم الأمم المتحدة نشاطاتٍ خلال شهر أوكتوبر لتعزيز أهمية الصحة النفسية. وموضوع حملة هذا العام هو "جعل الصحة النفسية ذات أولويةٍ عالميةٍ للجميع" [2]
كما كان الموضوع عام 2021 "الصحة النفسية في عالم غير متكافئ". و"الصحة النفسية للجميع. استثمارٌ أعظم - وصولٌ أعظم. للجميع، في كل مكان" عام 2020. [2]
- حوالي المليار إنسان يعانون من أحد أشكال اضطرابات الصحة النفسية أو العقلية.
- أكثر من 75% من الأشخاص الذين يعانون من أمراضٍ نفسيةٍ لا يتلقون أي معالجة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
- عموماً تنفق الحكومات أقل من 2% وسطياً من ميزانيتها الصحية لعلاج أمراض الصحة النفسية.
- الانتحار هو ثاني سببٍ لوفاة الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً. إذ كل 40 ثانية يقوم فرد بإنهاء حياته (أي 800 ألف فرد سنوياً).
- تبدأ نصف المشاكل النفسية إجمالاً في سن الرابعة عشرة. لكن لا يتم الكشف عنها أو معالجتها في معظم الأوقات. [4]
جائحة كوفيد-19 سببت المشاكل في العديد من النواحي وشكلت أزمةً كبيرةً بالنسبة للصحة النفسية. إذ ضاعفت من حالات التوتر والاكتئاب وأضعفت الصحة النفسية لملايين البشر. وحسب الإحصائيات ارتفعت اضطرابات الاكتئاب والتوتر بنسبة أكثر من 25% خلال أول سنة. وترافقت الجائحة بتعطل خدمات الصحة النفسية مما أدى إلى تفاقم هذه الحالات. [3]
أطلقت منظمة الصحة العالمية "خطة العمل الشاملة للصحة النفسية 2013-2030". والتي تهدف إلى تحسين الصحة النفسية بدعم القيادات والحكومات. إضافة إلى توفير رعايةٍ اجتماعيةٍ شاملةٍ ومتكاملة.
كما أصدرت المنظمة "التقرير العالمي عن الصحة النفسية: إحداث تحوّل في الصحة النفسية لصالح الجميع". والذي يدعو جميع البلدان إلى الإسراع في تنفيذ خطة العمل. إذ بحسب التقرير، يمكن لكافة البلدان أن تحقق تقدّماً جذرياً بتحسين الصحة النفسية لسكانها. وذلك بالتركيز على 3 "مسارات تحوّل"، وهي:
بالإضافة إلى محاولات المنظمات والحكومات لتحسين خدمات الرعاية الصحية المتوافرة. يمكن أيضاً للفرد خلال حياته وروتينه اليومي أن يسعى للحفاظ على صحته النفسية. بعض هذه الخطوات هي:
1- الحفاظ على النشاط الجسدي. ممارسة أي نوع من التمارين له فوائد جسدية عديدة فضلاً عن دوره في تحسين المزاج.
2- وجود نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ وصحي. كتناول بعض الأطعمة المفيدة للصحة مثل الفواكه والخضروات والمكسرات وغيرها الكثير. إضافة إلى شرب كميات كافية من الماء.
3- معالجة التوتر:التعرض الدائم للتوتر من دون أي حلٍّ مضرٌّ جداً للصحة النفسية. لذا يجب عدم تجاهل المشكلة ومواجهتها قدر المستطاع. مثلاً: خذ استراحةً قصيرةِ عند الشعور بالضغط من المدرسة أو العمل. كسر الروتين والقيام بنشاطٍ جديدٍ وممتعٍ بعطلة نهاية الأسبوع.
4- تقبل الذات والتفكير بإيجابية. إضافةً إلى تجنب مقارنة نفسك بالآخرين، كلنا مختلفون ومميزون بطريقتنا الخاصة. اسعَ إلى بناء علاقةٍ جيدةٍ مع نفسك ومارس حب الذات.
5- تعلم مهارة أو ممارسة. أن تعلم شيءٍ جديدٍ يمنح الثقة بالنفس والشعور بالإنجاز. [5]
6- تخصيص وقت للقيام بشيء تحبه، مهما كان، يعزز الصحة النفسية.
في الختام، نود التذكير بأنه لا وجود للصحة من دون صحة نفسية. فالصحة العامة هي تناغمٌ ما بين الصحة الجسدية والصحة النفسية معاً. لذا نرى أن حماية الصحة النفسية والحفاظ عليها مهمٌّ جداً. ونسعى في مبادرتنا لبناء مساحةٍ آمنة لكل من يحتاج وخصوصاً المرأة السورية وذلك من خلال تقديم دعمٍ وإرشادٍ نفسي. فضلاً عن تقوية المرأة وتقديم خدماتٍ تتيح لها التحسن والتطور إذ سوف يؤثر ذلك إيجاباً في صحتها النفسية. كما نخصص مقالاً للصحة النفسية للنساء شهرياً، بهدف زيادة الوعي حول مواضيعَ هامة، مثل الاكتئاب المصاحب لانقطاع الطمث.
لكل شخصٍ يعاني من مشاكل بالصحة النفسية، كبيرةً كانت أم صغيرة، نود أن نقول لك أنك لست بمفردك، كلنا هنا معك.
اقرأ أيضاً: اليوم الدولي للسلام.
المصادر
[1] WHO- Facts
[3] WHO- Campaigns
[4] UN- News